فإن العالم الذي أخذ موضوعا فإما أن يؤخذ موضوعا بوصف كونه عادلا، أو بوصف كونه غير فاسق، أو مطلقا، إذ مع عدم أخذه بهذا النحو يكون مهملا، وقد عرفت امتناعه، فحينئذ فإن أخذ في نفس الأمر مقيدا بالعدالة أو عدم الفسق لزم عدم انقسامه إلى المقارن رأسا، فإنه بعد ما كان الموضوع هو العالم العادل أو غير الفاسق لا يبقى محل لعدالته المقارن وعدم فسقه المقارن ولا موضوع لهذا الانقسام، ولا يمكن الاطلاق والتقييد بالنسبة إليه لارتفاع موضوعه، إذ لو قيد العالم العادل بأن يكون عدالته موجودا ومقارنا له في الزمان يلزم لغوية هذا التقييد، إذ بعد تقييد العالم بالعدالة لا يعقل انفكاكه عن عدالته المقارنة له في الزمان حتى يحتاج إلى التقييد، وإذا امتنع تقييده بالوصف الموفق المقارن امتنع إطلاقه أو تقييده بالوصف المضاد المقارن، للزوم المناقضة بين ذلك التقييد وهذا الاطلاق أو التقييد المضاد، كما لا يخفى وجهه على المتفطن، بداهة أن بعد تقييد العالم بالعدالة أو عدم الفسق لا يعقل أخذه مطلقا بالنسبة إلى عدالته لمقارن له في الزمان أو عدم فسقه كذلك، إذ معنى إطلاقه بالنسبة إلى ذلك هو أن العالم العادل يجب إكرامه سواء قارن عدالته في الزمان أو لم يقارن، وهكذا الحال فيما إذا قيد بالوجود أو العدم المقارن المضاد لما قيد به أولا.
فظهر أنه ثبوتا لا يمكن أخذ العرض بالنسبة إلى محله إلا على وجه النعتية والتوصيف والربطية، ولا يمكن أخذه على وجه المقارن، فإذا امتنع الثبوت النفس الأمري إلا على وجه النعتية فلا محيص من صرف الدليل في مقام الاثبات إلى ذلك لو فرض أنه ظاهر في المقارن، فكيف إذ كان مجملا أو ظاهر في النعتية؟
وبعد ذلك لا يبقى مجال للتكلم في مرحلة الاثبات.
ولكن مع ذلك نقول: على فرض إمكان التقييد بالمقارن في مرحلة الثبوت ونفس الأمر، وأغمضنا على استحالته ففي مقام الاثبات، تكون الأدلة منطبقة