إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لو لم يكن للتكليف تعلق وربط بموضوع خارجي، بل كان هناك تكليف ومتعلق فقط فالشبهة المصداقية لا يمكن تحققها فيه، سواء في ذلك التكاليف الوجودية والعدمية، بداهة أن بعد تبين مفهوم التكليف ومفهوم التعلق، وأن التكليف هو الوجوب والحرمة والمتعلق هو الصلاة والغناء، وعلم معنى الصلاة والغناء، لا يمكن أن يشك الشخص في حال صدور المتعلق منه فيما يفعله وأن هذا المشغول به ما هو.
نعم بعد الفعل يمكن أن يشك في فعله السابق، والذي فعله في السابق هل هو صلاة أو غناء، ولكن هذا الشك في التكاليف الوجودية يرجع إلى الشك في الامتثال إن لم يكن هناك مثل قاعدة الفراغ التي تثبت الامتثال وفي التكاليف التحريمية مما لا أثر له بداهة أنه لا أثر للشك في أنه هل صدر مني غناء أو لم يصدر وعلى تقدير فرض الأثر فأصالة عدم صدور الغناء جارية.
ثم لا يخفى عليك أن ما قلناه من عدم تحقق الشبهة المصداقية في باب متعلقات التكاليف إنما هو فيما إذا كان نفس الفعل الصادر عن المكلف ابتداء متعلق التكليف، وأما إذا كان الفعل الصادر عن المكلف محصلا وسببا لما هو متعلق التكليف فتطرق الشبهة المصداقية فيه بمكان من الامكان، بداهة أنه يمكن الشك في أن هذا الذي يفعله هل هو محصل لما هو المكلف به أو غير محصل وكلما رجع الشك إلى المحصل كان مجرى للاشتغال، لرجوع الشك إلى الشك في الامتثال والخروج عن الفعل والترك المطالب به، سواء كان ذلك في التكاليف الوجودية أو العدمية.
أما في التكاليف الوجودية فرجوع الشك إلى الشك في الامتثال واضح، كما في باب الطهارة الحدثية والخبثية على وجه.
وأما في التكاليف العدمية فكذلك أيضا على ما اختاره شيخنا الأستاذ مد ظله