العالم والوضوء بالماء والصلاة في المسجد ولو بخلق الموضوع وإيجاده كان اللازم هو امتثال التكليف، إلا أن تقوم قرينة من حال أو مقال على اشتراط التكليف بصورة وجود الموضوع وفرض تحققه في الخارج.
فظهر الفرق بين باب الأوامر والنواهي، وأن في باب الأوامر يمكن أن لا يكون التكليف مشروطا بوجود الموضوع إذا كان المطلوب صرف الوجود، وأما في باب النواهي فدائما التكليف يكون مشروطا بوجود الموضوع.
ثم إن هنا فرقا آخر بين باب الأوامر والنواهي، وهو أنه في باب النواهي لا يمكن أن يكون المطلوب صرف الوجود، بل دائما يكون المطلوب فيها هو عدم الوجود والسلب الكلي الذي هو نقيض صرف الوجود. وهذا بخلاف باب الأوامر فإن كون المطلوب فيها هو صرف الوجود بمكان من الامكان.
والسر في ذلك هو أن ه لمما كان المطلوب في طرف النهي عدم الشئ، وعدم الشئ لا يمكن إلا بانعدام جميع ما يفرض للشئ من الوجودات العرضية والطولية، فلا بد من أن يكون المتعلق في النهي مطلق الوجود الساري في جميع الموجودات، مثلا لو قال: لا تكرم الفاسق ولا تكرم فاسقا أو لا تكرم الفساق فالمطلوب هو ترك إكرام مطلق الفاسق في أي وجود فرض له، ولا معنى لأن يكون المطلوب هو ترك إكرام الفاسق على نحو صرف الوجود بأن يكون إكرام فاسق ما متعلق النهي، وهذا بخلاف باب الأوامر فإنه لما كان المطلوب فيها وجود الشئ والشئ يوجد بأول وجوده، فيمكن أن يكون متعلق الطلب هو أول الوجود لا مطلق الوجود.
وبالجملة: في طرف الأوامر يمكن أن يكون المطلوب على أحد وجوه أربعة:
الأول: أن يكون المطلوب في طرف المتعلق والموضوع صرف الوجود، بأن يكون المقصود من قول أكرم عالما هو وقوع صرف وجود الاكرام على صرف وجود العالم