وأما آخر الوقت فيمتاز عن أوله أنه إذا أدرك مقدار خمس ركعات مع سائر الشرائط كان يجب عليه الأداء قطعا لقاعدة " من أدرك " وإن خالف كان عليه القضاء أيضا قطعا، وهذا بخلاف أول الوقت، فإنه لا بد في وجوب الأداء والقضاء من إدراك ثمان ركعات من سائر الشرائط، لعدم جريان قاعدة " من أدرك " بالنسبة إلى أول الوقت، لاختصاص أدلتها بآخره كما لا يخفى.
وأما لو أدرك من آخر الوقت دون ذلك فالكلام فيه الكلام في أوله أداء وقضاء، أما عدم وجوب القضاء عليه لو خالف فلجريان عين ما ذكرناه في أول الوقت فيه أيضا بلا تفاوت، وأما عدم وجوب الأداء عليه، فلأنه وإن لم تجر العلة التي ذكرناها في أول الوقت فيه، لأن من أفاق في آخر الوقت بمقدار لا يمكنه فعل الصلاة مجتمعة للشرائط أو طهرت الحائض كذلك فقد استوعب عذره تمام الوقت، فيكون مشمولا لتلك الأدلة الدالة على سقوط الشرائط عند عدم التمكن منها في مجموع الوقت، وإن كان يمكن أن يدعى أن تلك الأدلة مقصورة بما إذا كان الشخص غير متمكن من فعل الشرط في حد نفسه في مجموع، لا ما إذا كان متمكنا منه وكان جهة عذره من جهة انتفاء ما هو شرط التكليف من العقل والخلو عن الحيض، إلا أن الانصاف أن قصر تلك الأدلة بذلك مشكل.
نعم يمكن أن يقال: إن الشرائط المأخوذة في لسان الأدلة شرط للتكليف، كالعقل والبلوغ والخلو عن الحيض، لها دخل في الملاك وما هو جهة التكليف من المصالح والمفاسد، فحينئذ الصلاة التامة للشرائط لا ملاك لها مع استيعاب الحيض والجنون إلى قريب من آخر الوقت، ولا دليل على ثبوت الملاك في الصلاة الناقصة، فلا طريق إلى إثبات وجوب الأداء على مثل هذا، فتأمل فإن هذا أيضا لا يتم إلا بعد القول بعدم شمول تلك الأدلة الدالة على ثبوت التكليف بالناقص