قال الناصب خفضه الله أقول: نعوذ بالله من التفوه بهذه المقالة والاستجراء على تصوير أمثال هذه الترهات، فإن الله تعالى يخلق كل شئ، والتعذيب مترتب على المباشرة والكسب، وخلق الكفر ليس بقبيح، لأنه غاية دخول الشقي في النار كما يقتضيه نظام عالم الوجود والتصرف في العبد بما شاء ليس بظلم، لأنه تصرف في ملكه، وقد عرفت أن تصرف المالك في الملك بما شاء ليس بظلم، والله تعالى وإن خلق الكفر في العبد ولكن العبد هو يباشره ويكسبه، والله تعالى بعث الأنبياء وخلق أيضا قوة النظر وبث دلائل الوحدانية في الآفاق والأنفس، فهذه كلها ألطاف من الله تعالى والشيطان يضر بالاغواء والوسوسة، فأين نسبة اللطيف النافع الهادي وهو الله تعالى بالشيطان الضار المضل؟ ومن أين لزم هذا؟ (إنتهى).
أقول قد مر مرارا وسيجئ أيضا أن الكسب لا محصل له، وأن خلق الكفر قبيح، و من العجب استدلاله على عدم قبح الكفر بأنه غاية دخول الشقي في النار، فإن الكفر لو كان فعل الكافر كما قال به أهل العدل كان أولى بأن يجعل ذلك غاية لدخوله في النار كما لا يخفى، وأما اقتضاء نظام عالم الوجود للكفر فهو دعوى كاذبة لا يعجز أحد عن مثلها إذا فقد الحياء ونهى النفس عن الوقاء (2)، وأما ما ذكره من أن
____________________
(1) إبراهيم. الآية 22.
(2) التعبير متخذ من قوله تعالى في سورة النازعات. الآية 40.
(2) التعبير متخذ من قوله تعالى في سورة النازعات. الآية 40.