والظلم والعبث من أفعال العباد، ولا قبيح بالنسبة إليه وخالق الشئ غير فاعله، وهذا الرجل لا يفرق بين خالق الصفة والمتصف بتلك الصفد، وكل محذوراته ناش من عدم هذا الفرق، ألا يرى أن الله تعالى خالق السواد، فهل يجوز أن يقال هو الأسود؟
كذلك لو كان خالق الظلم والعبث، هل يجوز أن يقال: إنه ظالم وعابث نعوذ بالله من التعصب المؤدي إلى الهلاك البحت ثم أن هذا الرجل يحصر القبيح في أفعال الانسان، ويدعي أن لا قبيح ولا شر في الوجود إلا أفعال الانسان، وذلك باطل، فإن القبائح غير أفعال الانسان في الوجود كثيرة كالخنزير والحشرات المؤذية، و هل يصح له أن يقول: إن هذه الأشياء غير مخلوقة لله؟ فإذا قال بأنها مخلوقة لله، فهل يمنع قباحتها وشرها؟ وذلك مخالف للضرورة والحس، فإذا يلزم ما ألزم الأشاعرة من القول بخلق الأفعال القبيحة (إنتهى) أقول قد مر مرارا بيان قبح ما قالوا: أن لا قبيح بالنسبة إليه تعالى، وأن الفرق بين الخالق والفاعل فاسد، وما ذكره هيهنا في بيان الفرق من تنوير المظلم عن ما نقلناه سابقا عن شارح العقائد، ويتوجه عليه ما أوردناه ثمة وحاصله: أن خلق الله تعالى للسواد في الأجسام وصدورها عن إنما يقتضي اتصافه تعالى بكونه مسودا، لا بكونه أسود، وكأنه اشتبه على الناصب سود الله وجهه حال الفاعل الكلامي الذي نحن فيه بحال الفاعل النحوي، وهو مطلق ما أسند إليه الفعل، فزعم أن الفاعل لأجل الفاعلية لوجب اتصاف الله تعالى أيضا بكونه أسود على تقدير القول بكون فاعلا خالقا للسواد، ويندفع الاشتباه بأن زيدا في قولنا أسود زيد فاعل نحوي لا فاعل كلامي بمعنى خالق السواد ومصدره، وإنما الخالق والفاعل الكلامي للسواد في زيد هو الله تعالى، فلا جرم يتصف سبحانه وتعالى بكونه مسودا ويتصف