ونحوها، ولهذا وقع في محله ورطة مخالفة القرآن ومناقضة نفسه، وليس كذلك بل المراد من التفاوت والاختلاف المنفي في الآية عدم التناسب والنظام بحيث يقول الناظر الفهم: لو كان كذا لكان أحسن، كذا في تفسير النيسابوري: ومن البين أن أكثر أفعال الانسان بهذه الحيثية، وأما ما ذكره: من أن الكفر مخلوق لا خلق فغير قادح في استدلال المصنف بالآية لأنها كما قصد المصنف إنما دل على حسن الخلوق لا الخلق لأنه الحسن المفهوم من قوله تعالى: أحسن كل شئ خلقه، إنما يتعلق بكل شئ خلقه، بالخلق المفهوم من خلق الماضي في قوله: خلقه، ولا ريب في أن الشئ الذي خلقه الله هو مخلوقه لا خلقه، قوله: ولو كان كل مخلوق حسنا الخ قلنا: بطلان اللازم ممنوع قوله: لكثرة المؤذيات والقبائح والمتحققة قلنا: هذا مع كونه منافيا لإنكاره سابقا كون القبائح صادرة من الله تعالى مردود بأنه إن أراد من المؤذيات والقبائح ما عدا الأفعال الصادرة عن العباد كخلق الحيات والعقارب والسباع ونحوها فقد بينا سابقا أنها ليست بقبيحة عند التأمل في خواصها، وكن نفها أكثر من ضررها، وإن أراد به ما يشمل أفعال العباد كالسرقة واللواطة والزنا فلا نسلم أنها صادرة عن الله تعالى، بل هو أول المسألة، وأما ما ذكره من أن معنى الآية إنا ما خلقنا السماوات والأرض إلا متلبسين بالحق والصدق الخ فيه أنه على تقدير تسليم أن يكون الحق والصدق والجد، معان متقاربة كما يدل عليه ظاهر كلامه، لا معنى للآية إلا أن تكون تلك الأشياء حقا لا أن الحق أمر آخر مباين لها متلبس بها مصاحب لها كالحجر الموضوع بجنب الانسان، وبهذا علم أن قوله: وأنى يفهم هذا المعنى من هذا الكلام دليل على اعوجاج فطرته المر المرواني، وقصور فهمه عن إدراك واضحات المعاني، فإنه لا يفهم أن ما ذكره من تفسير الآية هل هو مضمون كلام المصنف أو يدفعه ويمنعه
(٤٣)