ولوا أدبارهم ثم يفتخر ذلك الملتقط بأنه
قتل هؤلاء بسهامهم ونصولهم واستأصلهم بها عن أصولهم، وأما ما ذكره من أنا لا ننكر أن للفعل نسبة وإضافة الخ ففيه أن الكلام ليس في مطلق النسبة وإلا فللفعل إلى الزمان والمكان أيضا نسبة مع أنهما ليسا فاعلين له اتفاقا، بل الكلام في نسبة الفاعلية ولم يعهد في العرف ولغة
القرآن تسمية المحل فاعلا وكاسبا، بل الفاعل هو الخالق، والفرق بين الخلق ولكسب اصطلاح من
الأشاعرة لا يفيد في مقابلة
الخصم على أن الكسب الذي ينسبونه إلى العبد بمعنى صرف العبد القدرة، أو بمعنى المباشرة والمقارنة والمحلية ونحوها، فخالق الصرف ونحوه، إما الله تعالى فلا شئ للعبد، وإما العبد فيلزم أن يكون خالق بعض أفعاله، ولا ينفع دعوى كونه اعتباريا في إخراجه عن كونه مخلوقا للعبد، لأن مسألة خلقه تعالى الأعمال تعم الأفعال الاعتبارية كما يدل عليه جعلهم الكفر من المخلوقات، بما ذكرنا يندفع جميع ما ذكره الناصب في تأويل الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العباد، لأن معنى كفروا في العرف واللغة الذين فعلوا الكفر لا من صار محلا للكفر، وأما الكسب بمعنى المباشرة وصرف القدرة فراجع إلى الفعل كما أشرنا إليه، فينا في ما ادعوه من أنه لا فاعل في الوجود إلا الله، وإن جوزوا صدور هذين الفعلين من العبد فليجوزوا صدور الأفعال المتنازع فيها منه أيضا من غير احتياج إلى تحمل اختراع الكسب المحال (1) وأما ما ذكره: من أنه لا شك أنه تصدر الكتابة من يد الكاتب، وهذا محسوس لا يحتاج إلى الاستدلال، والكلام في الخلق والتأثير الخ ففيه ما مر من
بطلان الفرق بين الخلق والفعل، وبطلان القول بالقدرة الغير المؤثرة، والحاصل أن هذه الآية صريحة فيما ادعاه المصنف قدس سره غير قابلة للتأويل لأن مفادها إثبات الفعل لأحد، ونفيه عن غيره ففيه إضافة الفعل إلى فاعله على أبلغ الوجوه، وتوضيحه: أنه تعالى عبر فيها
____________________
(1) قد سبق إن لفظة المحال من اللغات المثلثة.