محقا أو مبطلا دعواه من الله تعالى، وماذا يريد من أن دعوى المحق والمبطل من الله؟ إن أراد أنه من خلق الله تعالى، فلا كلام في هذا، لأن كل فعل يخلقه الله تعالى؟ وإن أراد أنه مرضى من الله تعالى والله يرسل المحق والمبطل، وهذا باطل صريح، فإنه تعالى لا يرضى لعباده الكفر والضلال (1) وإن كان بخلقه وتقديره كما سمعت مرارا، وكل من يدعي النبوة وهو مبعوث من الله فقد جرت عادة الله تعالى على إظهار المعجزة بيده لتصديقه ولم تتخلف عادة الله عن هذا، وجرت عادته التي خلافها جار مجرى المحال العادي بعدم إظهار المعجزة على يد الكذاب، والحاصل أن
الأشاعرة يقولون: بعدم
وجوب شئ على الله تعالى، لأنه المالك المطلق، ولا يجب عليه شئ، وما ذكره من أنه كيف يعرف أن هذا الذي صدقه صادق في دعواه، فنقول: بتصديق المعجزة يعرف هذا، قوله:
يجوز أن يظهر المعجزة على يد الكاذب، قلنا: ماذا تريدون أنه يجوزه العقل بحسب العادة، فنقول: هذا ممتنع عادة، ويفيدنا العلم العادي بأن هذا لا يجري في عادة الله تعالى كالجزم بأن الجبل الفلاني لم يصر الآن ذهبا، فلا يلزم ما ذكر وأما ما أطال من الطامات والترهات فتعمل بقوله تعالى واعرض عن الجاهلين (2) إنتهى.
أقول أولا: إن تخصيصه لإعادة الكلام بهذا المقام مما لا وجه له، لأن جميع المراتب كلامه إعادة منه لما نقلها المصنف من كلام أقوامه، غاية الأمر أنه إعادة على
____________________
(1) كما يشهد له قوله تعالى في سورة الزمر. الآية 7.
(2) الأعراف. الآية 99.