قال الناصب خفضه الله أقول: قد
عرفت في كلام شارح المواقف أنه ذكر هذا النقض وليس هو من خواصه حتى يتبختر به ويأخذ بالارعاد والابراق والطامات (1)، والجواب أما عن ما يرد على الدليل الأول فهو أن فعل الباري محتاج إلى مرجح قديم يتعلق في الأزل (الأول) بالفعل حادث في وقت معين، وذلك المرجح القديم لا يحتاج إلى مرجح آخر فيكون تعالى مسقلا في الفعل ولو قال قائل: إذا وجب الفعل مع ذلك المرجح القديم كان موجبا لا مختارا، قلنا: إن الوجوب المترتب على الاختيار لا ينافيه بل يحققه، فإن قلت نحن نقول:
اختيار العبد أيضا يوجب فعله، وهذا الوجوب لا ينافي كونه قادرا مختارا، قلت: لا شك أن اختياره حادث وليس صارا عنه باختياره، وإلا نقلنا الكلام إلى ذلك الاختيار وتسلسل، بل عن غيره فلا يكون مستقلا في فعله باختياره، وبخلاف إرادة الباري فإنها مستندة إلى ذاته فوجوب الفعل بها لا ينافي استقلاله في القدرة عليه، وأما عن ما يرد على الدليل الثاني فهو أن علم الله تعالى في ذاته مقارن لصفة القدرة والإرادة، فإذا علمن الشئ وتعلق به علمه تعلق به الإرادة والقدرة وخلق الموجودات، وكل واحدة من الصفات الثلاث يتعلق بمتعلقه من الأشياء وكل ما تقتضيه، فمقتضى العلم التعلق من حيث الانكشاف ومقتضى الإرادة الترجيح ومقتضى القدرة صحة وقوع الفعل والترك، فلا يلزم الوجوب لأن صفة العلم لا تصادم صفة القدرة لأنهما قديمتان حاصلتان معا بخلاف القدرة الحادثة، وهذا جائز في الصفات الحادثة، بخلاف الصفات القديمة، فليس ثمة إيجاب تأمل فإن هذا الجواب دقيق وبالتأمل فيه حقيق، وأما ما ذكره من لزوم الكفر فمن باب طاماته وترهاته
____________________
(1) جمع الطامة الداهية تفوق ما سواها.