مختارا لكونه عالما بأفعاله وجودا وعدما انتهى كلام شارح (1) المواقف، فظهر أن الرجل
السارق الحلي
سرق هذين الوجهين من كلام أهل السنة والجماعة وجعلهما
حجة عليهم، وجواب الأول من الوجهين إنا لا ندعي تأثير العلم في الفعل كما ذكرنا، حتى يلزم من تأخره عن المعلوم عدم تأثيره، بل ندعي انقلاب العلم
جهلا، والتابعية لا تدفع هذا المحذور لما ستعلم، وجواب الثاني من الوجهين أنا نسلم أن الفعل الذي تعلق به علم الواجب في الأزل ممكن بالذات واجب بالغير والمراد حصول الوجوب الذي ينفي الاختيار ويصير به الفعل اضطراريا وهو حاصل سواء كان الوجوب بالذات أو بالغير، وأما جواب شارح المواقف فنقول: إنا لا نسلم أن العلم مطلقا تابع للمعلوم بل العلم الانفعالي الذي تحقق بعد وقوع المعلوم وهو تابع للمعلوم، وإن أراد بالتابعية التطابق فلا نسلم أن الأصل في المطابقة هو المعلوم في العلم الفعلي بل الأمر بالعكس عند التحقيق، فإن علم المهندس الذي يحصل به تقدير بناء البيت هو الأصل والعلة لبناء البيت، والبيت يتبعه، فإن خالف شئ من أجزاء البيت ما قدره المهندس في علمه الفعلي لزم انقلاب العلم
جهلا وأنت تعلم أن علم الله تعالى بالموجودات التي ستكون هو علم فعلي كعلم المهندس الذي يحصل من ذاته، ثم يطابقه البيت، كذلك علم الله تعالى هو سبب حصول الموجودات على النظام الواقع ويتبعه وجود الكائنات، فإن وقع شئ من الكائنات على خلاف ما قدره علمه الفعلي في الأزل لزم انقلاب العلم
جهلا وهذا هو التحقيق (إنتهى).
أقول لا
حجة فيما ينقله الناصب لظهور خيانته في مثل ذلك مرارا ولو صح فلا ينافي
____________________
(1) هو المحقق السيد شريف الدين علي الجرجاني