ودعوى عدم النية مع التبييت مع عدم جريانها في المتردد يدفعها منع المنافاة بين نية الصوم ونية السفر، ضرورة الاكتفاء في تحقق الأولى بأصالة عدم وقوعه منه وإن بيت نيته، إذ ذلك أعم من وقوعه، وليس السفر من المفطرات كي يجب العزم على عدمه، في أصل نية الصوم، وإنما هو مناف له بمعنى أنه يرتفع وجوب الصوم عند تحققه، فلا يقدح حينئذ العزم عليه في نية الصوم في حال عدم وقوعه الذي هو الموافق للأصل العقلي، وكذا المتردد في وقوعه، واستوضح ذلك في منافيات الصوم القهرية كالحيض ونحوه مع فرض التردد في حصولها أو الظن فإنه لا إشكال في تحقق النية لذويها اعتمادا على ذلك الأصل الشرعي الذي لا يتفاوت جريانه بين الاختياري والاضطراري، ومن هنا يمكن دعوى الاجماع على خلاف ما التزمه المصنف، إذ كلام الشيخ الذي هو الأصل في المذهب المزبور صريح في اعتبار الخروج مع التبييت في الافطار ووجوب القضاء، وأنه لا يكفي الثاني عن الأول، فمن حكى عنه ذلك كان مخطئا بالحكاية، وإن كان أول عبارته في النهاية قد يعطي ذلك، إلا أن آخرها صريح فيما قلناه.
وعلى كل حال فلا ريب في أن الأقوى ما اختاره المفيد وجماعة لصحة دليله وصراحته، وأما ما ذهب إليه علي بن بابويه فلم نجد له دليلا بعد إطلاق الآية المنزل على التفصيل المزبور، كاطلاق ما دل على التلازم بين القصر والافطار سوى مضمر عبد الأعلى مولى آل سام (1) " في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال:
يفطر وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل " الضعيف سندا بل ودلالة بما قيل من احتمال كون " حرج " فيه بالحاء المهملة، فيكون الظرف فيه متعلقا بقوله:
" يفطر " والمعنى حينئذ أن على المسافر في شهر رمضان أن يتناول مفطرا ولو قبل