في إرادة الحج من البلد، إذ هو المناسب للتجهيز، وأنه لا فرق بين النواب، وفيه بعد حرمة القياس ما عرفت من حمل تلك الأوامر على الندب، مع أنها غير مساقة لبيان مثل ذلك.
وأغرب منه الاستدلال بأنه لما ثبت الوجوب عليه باستطاعته له بزاد وراحلة وغيرهما مما يتوقف عليه وجب القضا عنه ميتا على الوجه الذي ثبت في ذمته، إذ هو كما ترى، ضرورة كون الوجوب عليه حيا كذلك للمقدمة لا أنه وجه للمأمور به، وهو الحج، ولذا لو وقع على وجه محرم أجزأه، ودعوى تعلق نفقة الطريق من البلد بعد موته بماله كالدين واضحة المنع، بل هي مصادره، كوضوح فساد الاستدلال على اعتبار الطريق بمجموع هذه النصوص على وجه يبطل ما ذكرناه من القاعدة، فإنه كما ترى.
ومن ذلك كله يظهر لك ما أطنب فيه في الحدائق وتعجب مما جاء به من التحقيق، حتى قال بعد الفراغ منه: وعليك بالتأمل الدقيق في هذا التحقيق الرشيق فإنه حقيق بأن يكتب بالتبر على الحداق لا بالحبر على الأوراق، إلا أن الألف بالمشهور سيما إذا زخرفت بالاجماعات شنشنة أخزمية، وطريقة لا تخلو من العصبية، فإنك إذا أحطت خبرا بما ذكرناه تعرف أن ذلك كله عجب بلا عجب، وهزء بلا سبب، نسأل الله تعالى العفو عنا وعنه، كما أنك تعرف فساد ما عن ابن إدريس من دعوى تواتر الأخبار بذلك، ولذا جزم المصنف في المعتبر بأنه غلط، قال: فإنا لم نقف بذلك على خبر شاذ فضلا عن المتواتر، كل ذلك مضافا إلى إمكان الطعن في أسانيد النصوص المزبورة عدا صحيح الحلبي منها الذي عرفت الحال في دلالته، بل لو أغضينا عن ذلك كله باعتبار احتمال التأويل في أخبار الطرفين أمكن ترجيح أخبار المشهور بالاجماع المنقول والأصل وغير ذلك.
وكيف كان فالمراد بالبلد على تقدير اعتباره بلد الاستيطان، لأنه المنساق