بلا خلاف، لأصالتها في كل مأمور به، والبحث في حقيقتها واعتبار الوجه وغير ذلك من مباحثها قد تقدم سابقا (و) قد ذكرنا هناك أنه إنما (يجب) في نحوه (نية القربة) خاصة، وحينئذ فلا إشكال هنا من سائر الوجوه كما اعترف به ثاني الشهيدين في المحكي من فوائده على القواعد، قال: " ولو لم يعتبر الوجه كما هو الوجه استرحنا من الاشكالات، وكان معنى وجوب الثالث على القول به ترتب الثواب على فعله والعقاب على تركه بخلاف غيره " وهو كما ترى في غاية الجودة، إلا أن ظاهره اختصاص ذلك في القول بعدم اعتبار الوجه، أما عليه فلا، وهو ظاهر عبارة المتن، ولذا قال المصنف بناء على ما اختاره من اعتبار نية الوجه:
(ثم إن كان منذورا) مثلا (نواه واجبا، وإن كان مندوبا نوى الندب، فإن مضى له يومان وجب الثالث على الأظهر وجدد نية الوجوب) ضرورة ظهوره في وجوب التجديد، لكن في المدارك بناء على اعتبار الوجه إن كان منذورا نوى الوجوب، وإن كان مندوبا وقلنا إن المندوب لا يجب بالدخول فيه ولو مضى اليومان نوى الندب، وإن قلنا إنه يجب بالشروع أو بمضي اليومين نواه على هذا الوجه، بمعنى أن يكون الجزء الأول منه أو اليومان الأولان على وجه الندب والباقي على وجه الوجوب، ولا يتوجه عليه ما ذكره الشارح من تقدم النية على محلها، لأن محلها أول الفعل، غاية الأمر أن يقع على وجهين مختلفين، فيجب نيتهما كذلك، ولو اقتصر على نية اليومين الأولين ندبا ثم جدد نية الثالث على وجه الوجوب كما هو ظاهر عبارة المصنف كان جيدا، ولا يرد عليه ما ذكره بعضهم من أن الثلاثة أقل ما يتحقق به هذه العبادة، وهي متصلة شرعا، ومن شأن العبادة المتصلة أن لا يفرق النية على أجزائها بل يقع بنية واحدة، لأنا نقول إنه لا دليل على امتناع التفريق، بل قد اعترف الأصحاب بجوازه في الوضوء ونحوه فليكن هنا كذلك، وأما ما قيل - من أن الاعتكاف لما كان الأصل فيه الندب،