نهب مال أو نيل عرض أو نحو ذلك، وثانيا أنه ينكشف بذلك سلامته لا استطاعته، وفرق واضح بين المقامين، ضرورة توقف صدق الأولى على إحراز السلامة بالطريق المعتد به شرعا، ولا يكفي فيها عرفا حصول السلامة في الواقع نعم قد يقال بحصول وصف الاستطاعة له لو تكلف المشاق المزبورة ثم ارتفع المانع على وجه كان يتمكن معه من المسير بعد ارتفاعه، ولعله إلى ذلك لمح سيد المدارك فيما ذكره من التفصيل لا ما سمعته من المحدث البحراني الذي لا يرجع إلى حاصل عند التأمل، والله العالم.
(و) كيف كان فلا ريب في أنه (يسقط فرض الحج لعدم ما يضطر إليه من الآلات كالقرب وأوعية الزاد) وغيرها مما يحتاج إليه، ضرورة عدم صدق الاستطاعة بدونه، كما أنه لا ريب في وجوب شراء ذلك كله أو استيجاره بالعوض المقدور وإن زاد عن أجرة المثل على حسب ما عرفته سابقا، ولو تعددت الطرق تخير مع التساوي في الأمن وإدراك النسك واتساع النفقة، وإلا تعين المختص بذلك، وفي كشف اللثام إلا أن يختص الخوف بالمال، وخصوصا غير المجحف، وستعرف وجهه مما يأتي.
(و) على كل حال ف (لو كان له طريقان فمنع من أحدهما سلك الآخر سواء كان أبعد أو أقرب) مع فرض سعة النفقة والوقت للأبعد، أما لو قصرت أو قصر الوقت عنه سقط الحج إذا انحصر الطريق فيه، كما هو واضح، خلافا للشافعية فلم يوجبوا سلوك الأبعد مطلقا، وهو واضح الفساد، كوضوح فساد ما عن أحمد من استقرار الوجوب على واجد الزاد والراحلة وإن لم يأمن بمعنى وجوب الحج عنه لو مات، ووجوبه عليه متسكعا لو افتقر ثم أمن، لا أنه يجب عليه الحج بنفسه وهو غير آمن، إذ لا يخفى عليك ما فيه من المخالفة للكتاب والسنة والاجماع، ضرورة توافقها جميعا على اعتبار تخلية السرب في الاستطاعة