ودعوى أن النسيان من الشيطان فلا يكون عذرا كما ترى، بل من العذر أيضا ما لو كان نادرا مثلا قبل تعلق الكفارة ما ينافي التتابع، كصوم كل خميس فيجزيه حينئذ المتابعة فيما عداه، ولا يجب عليه الانتقال لغير الصوم من خصال الكفارة باعتبار تعذر التتابع، نعم لو كان قد نذر صوم الدهر اتجه ذلك.
وكيف كان فالمراد من البناء مع العذر أنه لا يخل بالتتابع شرعا باعتبار غلبة الله تعالى عليه، فهو أولى بالعذر، لا أن المراد سقوط التتابع حينئذ معه في جميع الصوم حتى ما بقي باعتبار انقطاعه في الجملة، وحينئذ لا يمكن حصوله، فما في الدروس من القول بسقوطه فيما بقي لذلك واضح الضعف.
هذا كله إن أفطر لعذر (وإن أفطر لغير عذر استأنف) في الشهرين إجماعا بقسميه، بل يمكن دعوى التواتر المحكي منهما، بل لا أجد خلافا بين الأصحاب في غيرهما أيضا خصوصا في الشهر المنذور تتابعه، وقد اعترف الإصبهاني بقطع الأصحاب في ذلك إلا أني لم أقف له في السنة على ما يدل عليه في غير الشهرين والشهر، نعم ذكر غير واجد الاستدلال عليه بأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف، وهو جيد بناء على أن الجميع عبادة واحدة وعمل واحد ضرورة فسادها بالاخلال بالتتابع، إذ هي كالصلاة المركبة من الركعات المعتبر فيها صحة السابق منها بصحة اللاحق إلا أنه لا يخفى عليك صعوبة التزام ذلك بعد حصر مفسدات الصوم الشامل لصوم الكفارة وغيره بغير ذلك خصوصا بعد انتهاء اليوم وتمامه المقتضي لاعتبار الكشف عن الفساد لو أخل بالمتابعة المتأخرة كالركعة المتأخرة بالنسبة إلى الركعة السابقة، بل المتجه بناء على ذلك الاجتزاء للجميع بنية واحدة، ضرورة كونه عملا واحدا مركبا، إلى غير ذلك مما يصعب التزامه فلا يبعد القول بكون كل الأيام عبادات مستقلة لا ربط لصحة بعضها بالآخر وأوجب الشارع تتابعها في الكفارة حينئذ، فالمتجه حينئذ بناء على ذلك كون المتابعة