لعله الظاهر عند التأمل، خصوصا بعد ملاحظة حكم الناصب فيه المعلوم كونه كذلك وقد يحتمل كما في كشف اللثام أن يحج عن غيره وعدم بذل الاستطاعة فإن الحج به إنما يستلزم استصحابه أو إرساله في الحج، وهو أعم، ولا يأبى عنه تسميته حج الاسلام، ولا بأس به وإن كان بعيدا.
هذا كله في البذل المستفاد من " عرض عليه الحج " (1) ونحوه في النصوص الظاهر في إباحة أكل الزاد وركوب الراحلة أو الإباحة المطلقة الشاملة للإذن في التملك إن أراده ونحو ذلك مما لم يعتبر في جواز التصرف فيه الملك كالهبة وبيع المحاباة ونحوهما، ضرورة عدم صدق الاستطاعة بذلك قبل القبول الذي به يتم العقد المسبب للتمليك، فلا إباحة قبله ولا ملك، ومن هنا قال المصنف والفاضل وغيرهما:
(ولو وهب له مال لم يجب عليه قبوله) من غير فرق بين الهبة مطلقا ولخصوص الحج، وبين هبة نفس الزاد والراحلة وأثمانهما، فما في الدروس - من النظر في الفرق بين الهبة والبذل، بل في المدارك وغيرها الجزم بعدم الفرق - واضح الضعف، كوضوح الفرق بينهما بما عرفت، لا لأن البذل يفيد التمليك بلا قبول بخلاف الهبة، إذ هو كما ترى واضح المنع، كوضوح فساد الايراد عليه بأن الهبة قربة إلى الله تعالى لا يعتبر في تملكها القبول، وإنما التحقيق ما سمعت ولا ينافيه ما قدمناه في صور البذل التي لم يدخل فيها ما نحن فيه مما أريد منه التملك بعقد الهبة فصدر منه الايجاب بقصد الانشاء الذي لا يؤثر أثرا حتى يتعقبه القبول، وبدونه يكون فاسدا لا يجوز التصرف فيه، فتأمل جيدا.
إنما الكلام في وجوب الحج على من أبيح له المال على وجه الاطلاق الشامل للحج وغيره على وجه لو أراد الحج استطاعة بالإباحة المزبورة، فقد يقال به