ولم يصمه فإنه يجب عليه قضاؤه قطعا، لاطلاق الأدلة حينئذ حتى لو كان بلوغه قبله في زمن لا يسعه الطهارة من الجنابة مثلا ولو الترابية، ضرورة كونه حينئذ معذورا في ذلك كمن أفاق كذلك، وأما اليوم الذي قد بلغ في أثنائه قبل الزوال ولم يفعل المفطر فقد عرفت البحث فيه، وإن الأصح عدم وجوبه عليه، فلا يلزمه قضاؤه، ولو قارن بلوغه طلوع الفجر قوي القول بوجوب الصوم عليه لشمول الأدلة حينئذ، ولو شك في تقدمه وتأخره بنى على تأخر مجهول التاريخ منهما، ولو جهلا حكم بالاقتران، فيجب الصوم حينئذ، لكن فيه ما أشرنا إليه سابقا في كتابي الطهارة والصلاة من أن الاقتران حادث أيضا، والأصل عدمه، فالمتجه الرجوع إلى غيرهما من أصل ونحوه، وهو هنا البراءة كما يشهد له جعلهم ذلك شرطا فالشك فيه حينئذ شك في المشروط، بل ربما قيل بنحو ذلك في الصورة الأولى أيضا، لعدم اقتضاء الأصل تأخر المجهول عن المعلوم، بل أقصاه التأخر في نفسه وهو لا يجدي في ثبوت التكليف أو سقوطه، فتأمل جيدا.
(وكذا) البحث في (المجنون) الذي هو كالصبي في ذلك ونحوه عند الأصحاب من غير خلاف يعتد به بينهم، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه بل حكاه عليه في الروضة من غير فرق ما كان الجنون بفعله على جهة الحرمة وعدمها وبين ما كان بفعل الله تعالى، لاطلاق الأدلة، خلافا للمحكي عن الإسكافي فأوجب القضاء عليه إذا كان بفعله على جهة الحرمة، قال: والمغلوب على عقله من غير سبب أدخله على نفسه لا قضاء عليه إذا لم يفق في اليوم كله، فإن أفاق في بعض اليوم ولم يكن فعل ما بمثله يفطر الصائم صام ذلك اليوم وأجزأ، وإن كان من محرم قضى كل ما غم عليه منه، ولعله لاندراجه في الأول تحت " كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر) (1) بخلافه في الثاني فإنه هو الذي فوت على نفسه الشرط