حال النيابة، أو حمله على إرادة الجزء الأول من الحديث بالضمير دفعا لتوهم الراوي أن نيابته غير جائزة، وعود الضميرين المجرورين في آخر الحديث إلى الميت، يعني سواء كان على الميت حج واجب أو لم يكن، وحج عنه ندبا أو غير ذلك مما لا ينافي دلالته على المطلوب، وهو النهي عن النية مع اشتغال الذمة بحجة الاسلام والتمكن منها، ولعل ذلك هو المنشأ لاتفاق الأصحاب ظاهرا على ذلك، بل يمكن استفادة عدم جواز التطوع منه أيضا باعتبار إطلاق النهي عن النيابة التي منها تطوع الحج أيضا، كما لو كان متبرعا، على أن المنع منها يستلزم ذلك، كما أن جواز التطوع يستلزم جوازها، لأن كلما جاز للمكلف فعله جازت النيابة فيه إلا ما خرج بالدليل، فما عن خلاف الشيخ من أنه يأثم ويصح حجه في غير محله، بل قد يستفاد منه ولو بمعونة كلام الأصحاب بناء على إرادة المثال مما فيه عدم الفرق بين حج الاسلام وغيره من أفراد الحج الواجبة فورا بإجارة أو عهد أو يمين أو غيرها، ولذا قال المصنف: (وكذا من وجب عليه) أي الحج (بنذر) مقتض للفورية (أو إفساد) ونحوهما مما كان وجوبه على الوجه المزبور، فلا يكون مدركه مسألة الضد التي هي محل خلاف، مع أن المسألة هنا وفاقية على الظاهر، فتأمل جيدا.
المسألة (الرابعة) قد عرفت سابقا أنه لا فرق في وجوب الحج بين الذكر والأنثى والخنثى بعد حصول سببه، ف (لا يشترط) حينئذ في وجوب الحج (وجود المحرم في النساء) مع عدم الحاجة إليه (بل يكفي غلبة ظنها بالسلامة) على نفسها وبعضها للرفقة مع ثقات وكونها مأمونة أو غير ذلك بلا خلاف أجده فيه بيننا، لصدق الاستطاعة بعد جواز خروجها مع عدم الخوف نصا وفتوى بدونه، قال صفوان الجمال (1) لأبي عبد الله (عليه السلام): " قد عرفتني بعملي تأتيني