وليعرفوا أنفسهم ويضعوا الكبر من رؤوسهم، ويجعل نير الخضوع في أعناقهم ويستشعروا شعار المذلة، وينزعوا ملابس الفخر والعزة، وهذا من أعظم فوائد الحج، مضافا إلى ما فيه من التذكر بالاحرام والوقوف في المشاعر العظام الأحوال المحشر وأهوال يوم القيامة، إذ الحج هو الحشر الأصغر، وإحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم إلى المواقف وقوفهم بها ولهين متضرعين راجين إلى الفلاح أو الخيبة والشقاء أشبه شئ بخروج الناس من أجداثهم وتوشحهم بأكفانهم واستغاثتهم من ذنوبهم وحشرهم إلى صعيد واحد إما إلى نعيم أو عذاب أليم، بل حركات الحاج في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه أطوار الخائف الوجل المضطرب المدهوش الطالب ملجأ ومفزعا نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم، وإلى ما فيه من اختبار العباد وطاعتهم وانقيادهم إلى أوامره ونواهيه، كما شرحه أمير المؤمنين (عليه السلام) في المروي (1) عنه في نهج البلاغة.
(و) كيف كان ف (هو يعتمد على ثلاثة أركان:) الركن (الأول في المقدمات) (وهي أربع):
(المقدمة الأولى) (الحج) بفتح الحاء المهملة وقد تكسر (وإن كان في اللغة) هو (القصد) أو كثرته إلى من يراد تعظيمه، والكف والقدوم والغلبة بالحجة وكثرة الاختلاف والتردد (فقد صار في الشرع) على وجه الحقيقة بناء على ثبوتها فيه أو المجاز فيه