وإياك ثم إياك والاغترار بتملق أبناء الزمان، وكن من أوثقهم عندك على تحذير {ولا ينبئك مثل خبير} 1.
واعلم أنه لا نجاة إلا بتخلية الباطن من رذائل الصفات وتحليته بفضائل الأخلاق والملكات، فملاك الأمر وضامن النجاة هو التخلق بالأخلاق المرضية والتزين بالفضائل الخلقية، فإنها نفس البهجة والسعادة بتصريح النبيين وإجماع المسلمين وإطباق حكماء اليونان والفرس والهند والصين.
ثم عليك بتقديم التروي والتفكر في كل أمر تريد أن تفعله، فلا تدخل فيه إلا بملاحظة عاقبته. واجتهد في صرف وقتك في اكتساب الكمالات النفسية وقطع زمانك في اقتناء الفضائل العلمية، ولا تصرف عمرك في غير ذلك إلا فيما تحتاج إليه من أمر المعيشة، فإن ذلك مما رخص فيه في الشريعة.
هذه هي الوصايا النافعة لك.
وأما الوصية الراجعة إلي، فأن لا تنساني من الدعاء الخلوات وشرائف الأوقات، وتتفقدني بالترحم عقيب الصلوات ومحل الاستجابات. وألزم عليك أن تذكرني الترحم وطلب الغفران في الحيات وبعد الممات، وأسأل الله أن يعطيك خير الدارين وسعادة النشأتين بحق نبينا محمد آله سادات الثقلين.
كتبه بيمناه الداثرة، أوتي كتابه بها في الآخرة، أحمد بن محمد مهدي بن أبي ذر ابن الحاج محمد القمي النراقي الكاشاني مسكنا في أواخر شهر ذي الحجة الحرام سنة 1244 (ألف ومائتين وأربع وأربعين) من الهجرة النبوية على هاجرها ألف صلاة وتحية حامدا مصليا.