تكون بدلا عن الظهر، فتنتفي بانتفاء البدلية قطعا. والعبادة إذا لم يكن موقفة مشروعة كانت محرمة; لكونها تشريعا وإدخالا في الدين ما ليس منه.
أقول: من الأمور الضرورية الثابتة بالأخبار المتواترة المعضدة بالإجماع والاعتبار: مشروعية الاحتياط وثبوته ندبا من الشارع، وتعلق التوقيف به، و يلزمه كون كل ما كان من أفراد الاحتياط مشروعا ندبا موقفا، ولا شك أن الإتيان بالجمعة مع الظهر من أفراد الاحتياط; لكونها مبرئة للذمة قطعا، وليس الاحتياط إلا ذلك، فثبت مشروعيتها ندبا من الاحتياط، فيكون الإتيان بها بهذا القصد جائزا مستحبا.
فإن قيل: فعلها أيضا يحتمل التشريع فيكون حراما، فلا يكون موافقا للاحتياط.
قلنا: التشريع فعل شئ لم يثبت من الشرع، وفعلها مع الظهر بهذا القصد ثابت بأدلة الاحتياط، فلا يكون تشريعا، كما في سائر موارد الاحتياط، فإنها أيضا غير ثابتة من الشرع بخصوصها وإلا لم يكن احتياطا، وثبوتها واستحبابها إنما هو بمجرد أدلة الاحتياط.
والتوضيح: أن العبادة التي لم تثبت بخصوصها لا يمكن أن تفعل بقصد أنها عبادة ثابتة بخصوصها; لأن القصد ليس أمرا اختياريا، فما لم تثبت لا يمكن ذلك القصد فإذا فعلت، فإما يؤتى بصورتها لا بقصد عبادة ولا بأن يظهر للناس أنها عبادة ثابتة بخصوصها، كالحمية في يوم الفطر بقصد الإمساك، ولا حرمة فيه قطعا و إجماعا; للأصل وعدم الدليل.
أو يؤتى لا بها بقصد أنها عبادة ثابتة بخصوصها، ولكن يظهر للناس أنها عبادة ثابتة بخصوصها، وهذا هو التشريع المحرم.
أو يؤتى بها لاحتمال أن تكون موقفة واجبة فيما يتأتى فيه ذلك الاحتمال، كما في مسألة صلاة الجمعة، فيقصد بها الخروج عن احتمال ترك الواجب،