ولا يثبت ذلك إلا بعد ثبوت اللزوم الشرعي، لمنع كون غير ما ثبت لزومه شرعا موثقا.
فلا يمكن الاستدلال بالآية إلا في التمسك بنفي الاشتراط أو المانعية، فيما كان فردا من العقود اللازمة، لا مطلقا، وهذا يكفي فيه أصالة الاشتراط والمانعية، من غير حاجة إلى التمسك بالآية.
ولو جوزنا حصول التوثيق بغير الشرع أيضا، وقلنا بكفاية التوثيق العرفي، فلا يفيد فيما هم بصدده أصلا، لأنهم يريدون إثبات لزوم مثل قول المتعاقدين:
عاوضت فرسي مع بقرك، من الموجب، وقبلت المعاوضة، من القابل، لو لم نقل بكونه بيعا. ومثل إيجاب إسقاط حق الرجوع بعوض، أو صلحه لو لم ندرجه في عموم الصلح، وأمثال ذلك. ونحن لا نسلم التوثيق في أمثال ذلك عرفا لولا اللزوم الشرعي، بل هو نفس العهد وتوثيقه. وصيرورته عقدا إنما يكون باقتران أمر آخر معه يوجب توثيقه شرعا أو عرفا، ومع ثبوت الشرعي لا احتياج إلى التمسك بالآية.
ولا يتوهم: أن بناء المتعاهدين (1) وقصدهم عدم الرجوع، وتكلمهم بلفظ قاصدا منه البقاء على مقتضى العهد يكون توثيقا له.
لأن ذلك هو العهد، إذ ما لا يقصد فيه الإتيان به البتة ليس عهدا، فحصول التوثيق يحتاج إلى أمر آخر، وعلى المستدل إثبات التوثيق عرفا.
الثالث: أن بعد ما علمت من اتفاقهم على كون العقد هو العهد الموثق، أقول:
قد عرفت أن للعهد معاني متكثرة، كالوصية، والأمر، والضمان، واليمين، وغير ذلك، وشئ منها لا يصدق على ما هم بصدد إثبات لزومه أو صحته في المباحث الفقهية.