وهذا، مع أنه غير معلوم وقوعه في ذلك الزمان أيضا غير نافع لنا في شئ.
وبالجملة: الوجوب إنما هو بعد الوقت، فاستصحاب ما قبل حضور الوقت - بل قبل شهور وأعوام، أو مئات وألوف منها، مع عدم تحقق معنى محصل لذلك - غير جيد، بل هو واضح البطلان.
وإن أردت من ذلك استصحاب كونه مستأهلا للظهر وكونه في معرض خطاب صلاة الظهر فله وجه، ولكن استصحاب شغل الذمة في أول الوقت وسائر الأصول والأدلة يعارضه، مع أن الاتكال به ضعيف، لعدم كون ذلك الاستئهال شيئا محققا في نفس الأمر، فتأمل.
وإن أردت من ذلك أن الغالب كان صلاة الظهر والظن يلحق الشئ بالأعم الأغلب ففيه مع تسليمه، أنه لا يجوز الاعتماد بمثل هذا الظن في إثبات حكم شرعي.
وأما الدليل الثاني، فقد مر الجواب عنه في طي الجواب عن الأصل الثالث.
وأما الدليل الثالث، فالجواب عنه بمنع تبادر إمام الأصل من الأخبار، ويشهد لذلك صحيحة زرارة، قلت له: على من تجب الجمعة؟ قال: تجب على سبعة نفر من المسلمين، ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين، أحدهم الإمام، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم (1).
على أنا نقول: لا ينافي ذلك جوازه بدون ذلك مع عدم التمكن من حضوره، وستجئ الأدلة.
وأما استفادة كون إمام الجمعة مخالفا لإمام الجماعة من الأخبار فلا يضر تسليمه، والمخالفة يكفي في مجرد اشتراط كونه ممن يخطب، أو بعض الشرائط الاخر الذي اختلف فيه، وسيجئ الكلام فيها. ولا تنحصر المخالفة بكونه إمام الأصل، أو مأذونا من قبله.