وكانا محصورين يمكن التنزه عنهما من دون حرج (اجتنبا) معا وجوبا، لوجوب اجتناب الميتة ولم يتم إلا به، فيجب ولو من باب المقدمة، مع أنه لا خلاف فيه أجده إلا من المقدس الأردبيلي (1) وصاحب الكفاية (2) فمالا إلى الإباحة، استنادا إلى الأصول، وما مر إليه الإشارة من النصوص الظاهرة فيها، وقد عرفت الجواب عنها، مع احتمالها الحمل على الشبهة الغير المحصورة، التي لا خلاف في أن الحكم فيها الإباحة، لاستلزام الحرمة فيها العسر والحرج المنفيين في الشريعة.
وربما يعضده الصحيح: عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم فآكله، فقال: أما ما علمت أنه قد خلطه الحرام فلا تأكله، وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام (3). فتدبر.
وبالجملة لا ريب في ضعف ما ذكراه ولا شبهة، سيما فيما إذا كان الاختلاط بعنوان المزج لا اشتباه الأفراد، فإن الحكم بالإباحة في مثله يستلزم الحكم بإباحة المحرم القطعي وتناوله أول مرة، وهو مما يقطع بفساده من دون ريبة.
(و) اعلم أن ما (في رواية الحلبي) بل روايتيه الصحيحتين (4) من أنه (يباع) المشتبه المذكور (ممن يستحل الميتة) على ردهما ظاهر الدلالة، كما مر إليه الإشارة، إذ لو حل لما كان لإيجاب البيع فائدة. وبمضمونهما من جواز البيع على مستحليها أفتى الشيخ في النهاية (5) وابن حمزة (6). ومنعه