مستحله. فما هذا شأنه كيف يمكن المصير إليه؟!
أما حمل الأخبار المانعة على الكراهة - كما احتمله من متأخري المتأخرين جماعة - فالمناقشة فيه واضحة من وجوه عديدة، سيما مع إمكان الجمع بينهما وبين المبيحة، بحملها على التقية، لوضوح المأخذ في هذا الحمل من الاعتبار والسنة المستفيضة، بخلاف الحمل على الكراهة، إذ لا شاهد عليه من كتاب ولا سنة، ولا يرتكب إلا حيثما يكون النهي المحمول عليها مرجوحا بالإضافة إلى ما قابله وعارضه، بحيث يتعين طرحه، ولا بأس بارتكاب ذلك في هذه الصورة من دون شاهد ولا قرينة، لكون العمل فيها بالراجح حقيقة، وارتكاب الحمل في مقابله طرحا له جدا.
وأما ارتكابه في صورتي تكافؤ المتعارضين أو رجحان ما تضمن النهي من دون شاهد أو قرينة - كما في مفروض المسألة - فهو مما لا وجه له.
ووجود لفظ الكراهة في بعض الأخبار المتقدمة لم يمكن جعله على الحمل المزبور قرينة، بعد وضوح عدم ثبوت المعنى المصطلح عليه له الآن في الأزمنة القديمة، مع كونه أعم منه ومن الحرمة لغة.
فإرادة الأول منه دون هذه من دون قرينة فاسدة، مع أن القرينة على إرادة الحرمة قائمة، منها - زيادة على ما مر إليه الإشارة - النهي والتصريح بالحرمة في بعض الأخبار المتقدمة، فإنهما ظاهران في التحريم غايته، سيما مع كون متعلق النهي في أكثرها الطافي ونحوه أيضا، وقد أجمع على كونه بالإضافة إليهما للحرمة، فليكن بالإضافة إليه لها أيضا، وإلا يلزم استعماله في معنييه الحقيقي والمجازي الغير الجائز قطعا. فتأمل جدا.
ومقتضى القاعدة إرجاع المشكوك وهو هنا لفظ الكراهة إلى النهي الظاهر في الحرمة، كما أن مقتضاها إرجاع الظاهر إلى النص.