المقدمة الخامسة:
لا معنى لأن يستكشف العقل خطابا للشرع، وحكما للمولى، بل ما هو من شأنه هو الدرك، فيدرك جواز العقاب وصحته على شئ دون شئ، ولا يزداد على ذلك بالضرورة.
وبعبارة أخرى: الحكم متقوم بالإرادة والإنشاء، والعبد لا يتمكن من الاستيلاء عليهما، أو لا يحتاج إليه أصلا.
المقدمة السادسة:
إذا عرفت تلك المقدمات المندمجة، مع عدم أساس الحاجة إلى بعض منها، فاعلم: أن في مورد ابتلاء المكلف بالضدين، فإن كانا متساويين في الأهمية، فهو مضافا إلى خروجه عن المقصود في المقام، لا يتعلق بهما الأمر مطلقا، للزوم الترجيح بلا مرجح، أو لا كاشف لنا عن أحدهما المعين إثباتا، وإن أمكن ثبوتا، فيكون كل واحد بلا أمر، ويعاقب مرة واحدة، لعدم تقوم استحقاق العقوبة بالأمر بعد كشف المطلوبية بإطلاق كل واحد منهما مع قطع النظر عن الآخر، ولعدم القدرة على الجمع، فلا يستحق إلا واحدة، ولا يلزم هناك ترجيح بلا مرجح.
المقدمة السابعة:
قد أشير في خلال المقدمة الرابعة: إلى أن من شرائط البعث الجدي والزجر الحقيقي، احتمال انبعاث العبد والمكلف وانزجاره، فلو علم المولى بعدم ذلك - بأن لا يوجد في نفسه هذا الاحتمال - لا يتمكن من ذلك، لأنه من قبيل بعث الحجر وزجر المدر.