المقدمة الثانية:
إن قضية إطلاق كل دليل، استكشاف محبوبية المادة المطلقة، ويكون نطاق تلك المحبوبية، تابعا لنطاق ذلك الإطلاق، كما يكون كيفية تلك المحبوبية من اللزوم والندب، تابعة لكيفية الأمر لزوما وندبا.
مثلا: إذا قال المولى: " أكرم العالم " يستكشف منه محبوبية إكرامه اللزومية، وأنه لا يتجاوز عن تلك المحبوبية، ولا يرتضي بالإهمال بالنسبة إليها.
وما ذكرناه يجري بالنسبة إلى العمومات أيضا، بل الكشف في العموم أقوى من الإطلاق، كما لا يخفى.
المقدمة الثالثة:
لو سلمنا اعتبار القدرة عقلا في صحة التكليف، فلا يعقل فيما إذا ابتلي المكلف بالضدين، وجود الخطابين الفعليين العرضيين، وذلك لا لأجل قصور المقتضيات والمحبوبية، لأن كل واحد منهما له الإطلاق الكاشف عن محبوبية المادة، مع قطع النظر عن الآخر.
بل لأجل الابتلاء بالضد، وعدم القدرة على الجمع، فلا يتمشى من المولى ترشيح الإرادتين بالنسبة إليه بالضرورة، ولازم ذلك سقوط إحداهما وصرف النظر عنها، أو سقوطهما معا.
فإن كانا متساويين فهما يسقطان، إما لأجل الترجيح بلا مرجح، أو لأجل عدم إمكان الاطلاع على ما هو المأمور به.
وإن كانا غير متساويين، فيكون الأهم وذو المزية مورد الأمر، دون الآخر.