النافية.
الثاني: هو العلم بثبوت احكام الزامية فيما بأيدينا من الكتب. ودائرة العلم الاجمالي الأول أوسع من الثاني، لان متعلقه أعم مما بأيدينا. والفحص عن الاحكام الالزامية فيما بأيدينا من الكتب يوجب انحلال العلم الثاني، والعلم الاجمالي الأول الذي هو أوسع دائرة بعد باق على حاله لا ينحل بالفحص فيما بأيدينا من الكتب، ولازم ذلك هو عدم جريان الأصول النافية مط حتى بعد الفحص. نظير ما إذا علم بان في هذه القطيعة من الغنم موطوء، وعلم أيضا ان في البيض منها موطوء، فتفحصنا عن البيض وعثرنا على مقدار من الموطوء فيها الذي تعلق علمنا به، فان العلم الاجمالي بان في البيض موطوء وان انحل، الا ان العلم الاجمالي بان في القطيعة الأعم من السود والبيض موطوء بعد على حاله، ولا تخرج السود عن كونها طرف العلم، ومقتضى ذلك هو الاحتياط في الجميع.
وهذا الاشكال، كما ترى يختص بالأصول العملية، ولا يجرى في الأصول اللفظية، لان العلم الاجمالي في الأصول اللفظية لا مدرك له سوى ما بأيدينا من الكتب، وليس هناك علمان يكون أحدهما أوسع عن الآخر، بل العلم الاجمالي من أول الامر تعلق بان فيما بأيدينا من الكتب مقيدات ومخصصات للعمومات و المطلقات، وبعد الفحص عما بأيدينا ينحل العلم الاجمالي قهرا. فهذا التقريب من الاشكال يختص بالأصول العملية الذي يكون للعلم الاجمال فيها مدركان، هذا.
ولكن يمكن دفع الاشكال بأنه بعد الفحص عن الاحكام الالزامية فيما بأيدينا من الكتب والعثور على مقدار من الاحكام ينحل العلم الاجمالي الكبير أيضا، غايته انه ليس انحلالا حقيقيا كانحلال العلم الاجمالي الصغير، بل هو انحلال حكمي، لان ما عثرنا عليه من الأدلة المتكفلة للأحكام الالزامية قابل الانطباق على ما علم اجمالا بان في الشريعة أحكاما الزامية، إذ لا علم بان في الشريعة أحكاما أزيد مما تكفلته الأدلة التي عثرنا عليها على تقدير إصابة تلك الأدلة للواقع، فالاحكام التي تضمنتها الأدلة قابلة الانطباق على ما علم اجمالا من الاحكام الثابتة في الشريعة.
نظير ما إذا علم اجمالا بنجاسة أحد الانائين، ثم علم تفصيلا بنجاسة أحدهما المعين،