غير معلم بعلامة يشار إليه بتلك العلامة، وأخرى: يكون معلما بعلامة يشار إليه بتلك العلامة، وانحلال العلم الاجمالي بالعثور على المقدار المتيقن انما يكون في القسم الأول. واما القسم الثاني فلا ينحل بذلك، بل حاله حال دوران الامر بين المتباينين. وضابط القسمين: هو ان العلم الاجمالي كليا انما يكون على سبيل المنفصلة المانعة الخلو المنحلة إلى قضيتين حمليتين.
وهاتان القضيتان تارة: تكونان من أول الامر إحديهما متيقنة والأخرى مشكوكة، بحيث يكون العلم الاجمالي قد نشأ من هاتين القضيتين، ويكون العلم الاجمالي عبارة عن ضم قضية مشكوكة إلى قضية متيقنة ليس الا. كما إذا علم اجمالا بأنه مديون لزيد، أو علم بان في هذه القطيعة موطوء، وتردد الدين بين ان يكون خمسة دراهم أو عشرة، أو تردد الموطوء بين ان يكون خمسة أو عشرة، فان هذا العلم الاجمالي ليس الا عبارة عن قضية متيقنة: وهي كونه مديونا لزيد بخمسة دراهم أو ان في هذه القطيعة خمس شياه موطوئة، وقضية مشكوكة: وهي كونه مديونا لزيد بخمسة دراهم زائدا على الخمسة المتيقنة، أو ان في هذه القطيعة خمس شياه موطوئة زائدا على الخمسة المتيقنة، ففي مثل هذا، العلم الاجمالي ينحل قهرا بالعثور على المقدار المتيقن، إذ لا علم حقيقة بسوى ذلك المقدار المتيقن، والزايد عليه مشكوك من أول الامر ولم يتعلق العلم به أصلا، ولا يصح جعله طرفا للعلم، إذ لم يتعلق العلم به بوجه من الوجوه، فلا معنى لجعله من أطراف العلم، فالعلم الاجمالي في مثل هذا من أول الامر منحل، وذلك واضح.
وأخرى: لا تكون القضيتان على هذا الوجه، أي بان يكون من أول الامر إحداهما متيقنة والأخرى مشكوكة، بل تعلق العلم بالأطراف على وجه تكون جميع الأطراف مما تعلق العلم بها بوجه، بحيث لو كان الأكثر هو الواجب لكان مما تعلق به العلم وتنجز بسببه، وليس الأكثر مشكوكا من أول الامر بحيث لم يصبه العلم بوجه من الوجوه، بل كان الأكثر على تقدير ثبوته في الواقع مما اصابه العلم. و ذلك في كل ما يكون المعلوم بالاجمال معلما بعلامة كان قد تعلق العلم به بتلك العلامة، فيكون كل ما اندرج تحت تلك العلامة وانطبقت عليه مما تعلق العلم به،