فان قلت:
كيف لا يصلح فارقا؟ فإنه بعد البناء على أن القدرة الشرعية لها دخل في الملاك كيف يمكن القول بلزوم تهيئة مقدمات القدرة؟ فان معنى ذلك هو لزوم تهيئة مقدمات حدوث الملاك، وبعبارة أخرى: الملاك انما يحصل ويحدث بالقدرة، بحيث لولا القدرة لما كان هناك ملاك، كما هو الحال في سائر القيود الشرعية التي لها دخل في الملاك، ومع هذا كيف توجبون تحصيل القدرة عليه؟ وكيف يندرج عند عدم تحصيلها تحت قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار؟ فإنه لو لم يحصل القدرة لم يكن هناك ملاك للحكم ومع عدم ثبوت الملاك واقعا كيف يعاقب وعلى أي شئ يعاقب؟ مع أنه لا ملاك ولا حكم واقعا، ومورد قاعدة الامتناع بالاختيار - حيث نقول بالعقاب فيه انما هو فيما إذا أوجب الامتناع بالاختيار تفويت الملاك بعد ثبوته، واما الامتناع بالاختيار مع عدم ثبوت الملاك واقعا في ظرف التفويت، فان العقاب يكون حينئذ بلا موجب.
قلت:
نعم القدرة الشرعية وان كان لها دخل في الملاك بحيث لولاها لما كان هناك ملاك واقعا، الا ان المفروض ان الذي له دخل في الملاك، هي القدرة بمعناها الأعم الشامل للقدرة على تحصيلها وتهيئة مقدماتها الاعدادية، لان محل الكلام هو ما إذا اعتبر القدرة بتلك السعة التي يحكم بها العقل في لسان الدليل، فالذي يكون له دخل في الملاك هي القدرة الواسعة الشاملة للقدرة على تحصيلها و حفظها بعد حصولها وتهيئة مقدماتها، وهذا المعنى من القدرة حاصل بالفرض، لان الكلام فيمن يمكنه تهيئة مقدمات القدرة وحفظها، والا كان خارجا عن الكلام موضوعا، فما له دخل في الملاك حاصل، ومعه يندرج تحت قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار، لأنه لو لم يحفظ قدرته مع تمكنه من حفظها فقد فوت الملاك بسوء اختياره مع ثبوته، لحصول شرطه وهو تمكنه من حفظ القدرة أو تحصيلها، فتأمل في المقام جيدا فإنه لا يخلوا من دقة.
فتحصل: انه لو اعتبرت القدرة شرعا بنحو ما يعتبرها العقل من السعة،