وحاصل تقريب الثاني: بعينه كالتقريب الأول، إلا أنه من جهة أن الأمر الظاهري الناشئ من قبل " لا تنقض [اليقين] بالشك " يقتضي عدم الإعادة، وهذا التقريب بمثل الطهارة الخبثية التي إحرازها كاف في حال الصلاة، بل يعم جميع الأجزاء والشرائط فكل ما أتاه من الأجزاء والشرائط بمقتضى الأمر الظاهري، ثم تبين خلافه كان مجزيا بناء على هذا التقريب، وعليه تكون الرواية من أدلة إجزاء الأمر الظاهري عن الواقعي.
فبهذين التقريبين يمكن توجيه الرواية، وتعليل " لا تعيد الصلاة " بقوله:
" لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك أبدا " ويحتمل أن يكون الحكم بعدم الإعادة مثل الحكم بعدم الإعادة فيما لو أتى المكلف بالإتمام في موضع القصر أو بالجهر في موضع الإخفات، وبالعكس بأن يكون الحكم فيما لو تيقن المكلف بالطهارة سابقا وشك فيها لاحقا وصلى في تلك الحالة عدم الإعادة بلا مصلحة فيما أتى به، ولكن من جهة فوت محل تدارك مصلحته المأمور به ما صار مكلفا بالإعادة كما في الموضعين، فتدبر.
وأما الفقرة الرابعة وهو قوله: قلت: فإني قد علمت أنه أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟ قال (عليه السلام): تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها، حتى تكون على يقين.
فهو سؤال عن صورة العلم بالنجاسة وعدم معرفة موضعها تفصيلا مع العلم بها إجمالا، فأجابه (عليه السلام): بغسل تمام الناحية التي تعلم بوقوع النجاسة في موضع منها حتى يحصل اليقين بالطهارة.
وأما الفقرة الخامسة وهو قوله: فهل علي إن شككت في أنه أصابه شيء أن أنظر إليه... إلى آخره.
فهو سؤال عن صورة الشك في وقوع النجاسة، فأجابه (عليه السلام): بقوله: لا ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك يعني لو أردت الاحتياط فلا مانع من الغسل، ولكن لا يجب غسله.