الطبيعة غير قابلة للتكرار، أو من جهة أن مطلوبية الخصوصية في ظرف امتثال الأمر المتعلق بأصل الخصوصية، وعلى كلا التقديرين قد فات محلها، فيمكن أن تكون الصلوات اليومية من قبيل النحو الثاني بأن تكون أصل طبيعة الصلاة كصلاة الظهر مثلا مطلوبة، وايجادها بالخصوصية الخاصة وهو الإخفات في قراءتها مطلوبة أيضا، والطبيعة تكون غير قابلة للتكرار، فلو أوجدها المكلف بتلك الخصوصية فقد امتثل الأمرين وأتى بالمطلوب الأقصى، ولو أوجدها بدون تلك الخصوصية فقد امتثل الأمر المتعلق بأصل الطبيعة وعصى الأمر المتعلق بالخصوصية، ولا موقع لامتثال أمرها، لأن الطبيعة غير قابلة للتكرار، فلا يمكن ايجادها ثانيا بتلك الخصوصية تحصيلا لتلك الخصوصية، لعدم قبول الطبيعة للتكرار، إذ يمكن أن تكون الصلوات اليومية غير قابلة للتعدد والتكرار كحجة الإسلام فإن الحج وإن كان قابلا للتكرار إلا أن حجة الإسلام وهو ما يجب على المكلف مرة واحدة في تمام عمره بسبب الاستطاعة غير قابل للتكرار فلم لا يجوز أن تكون الصلوات اليومية أيضا كذلك؟ إذ لا تحيط عقولنا بأن الصلوات اليومية من قبيل ما كان قابلا للتكرار أو من قبيل ما ليس بقابل للتكرار، ويمكن أن تكون الصلوات اليومية من قبيل النحو الثالث بأن تكون أصل طبيعة الصلاة مطلوبة والخصوصية أيضا مطلوبة في ظرف امتثال الأمر بالطبيعة، فلو أوجدها بتلك الخصوصية فقد امتثل الأمرين وأتى بالمطلوب الأقصى، ولو أوجدها بدون تلك الخصوصية فقد امتثل الأمر المتعلق بأصل الطبيعة وعصى الأمر المتعلق بالخصوصية، ولا موقع لامتثال أمرها ثانيا، لأن الطبيعة وإن كانت قابلة للتكرار إلا أن ظرف مطلوبية الخصوصية هو امتثال الأمر بالطبيعة وقد حصل أولا، ففي كلا النحوين الصحة من جهة مطابقة المأتي به مع المأمور به بالأمر المتعلق بأصل الطبيعة والعصيان من جهة عصيان الأمر المتعلق بالخصوصية وعدم إمكان امتثاله ثانيا، وهذا الوجه الذي ذكرنا لإمكان الجمع بين الصحة واستحقاق العقاب يكفي لكسر سورة من يدعي الاستحالة، ولتصديق النص الدال على الوقوع. ويمكن أن
(٦٩٠)