هو المحتمل من كلام الشيخ (1) في مسألة ما لو كان تصرف المالك في ملكه ضررا على الجار وتركه ضررا على نفسه حيث جعل ترك التصرف حرجا بالنسبة إلى المالك، فحكم بجوازه إما لحكومة " لا حرج " ابتداءا، أو لتعارض القاعدتين وتساقطهما والرجوع إلى عموم " الناس مسلطون على أموالهم (2) ".
وعن الكفاية (3) جعلهما من باب التعارض والرجوع إلى قواعده لو لم يكن من باب تزاحم المقتضيين، وإلا فيقدم ما هو الأقوى، ولو كان دليل الآخر أرجح، وجعل الغالب من باب توارد العارضين من هذا الباب.
ولا يخفى أن تشخيص الموارد الخاصة، وأن أي مورد من باب التعارض، وأي مورد من باب التزاحم، وعلى تقدير كونه من باب التزاحم المقتضي في أيهما أقوى من الآخر في غاية الإشكال، إذ لا طريق لنا غالبا إلى احراز المقتضي إلا من جهة الدليل إلى احراز أقوائيته إلا من جهة أرجحيته فتأمل.
الرابعة: في بيان أن المراد بالضرر المنفي هو الضرر الواقعي أو الضرر الاعتقادي الذي يظهر من كلام بعض هو الأول، لأن المنفي هو الضرر، ولا إشكال في أنه موضوع للضرر الواقعي كسائر الألفاظ، والذي يظهر من كلام الشيخ (4) (قدس سره) هو الثاني، لأن المنفي هو الحكم الضرري، والذي ينشأ منه الضرر هو الحكم الفعلي المنجز لا الحكم الواقعي الذي لا يعلم به المكلف، فإذا اعتقد المكلف تضرره بالوضوء فتيمم، ثم تبين الخلاف أو اعتقد عدم تضرره به فتوضأ، ثم تبين الخلاف مقتضى القول الأول بطلان التيمم في الصورة الأولى والوضوء في الصورة الثانية، ومقتضى القول الثاني صحتهما. والقول الأول وإن كان لا يخلو عن وجه من جهة أن الوضوء الضرري إذا كان هو الخارج عن تحت عموم (فاغسلوا وجوهكم... (5)) بالحكومة التي نتيجتها التخصيص، والضرر موضوع للضرر