كانتا مشتركتين في ترك الواقع، هذا بالنسبة إلى الحكم التكليفي.
وأما بالنسبة إلى الحكم الوضعي فإن احتمل وجوب نفسي شيء كالدعاء عند رؤية الهلال وكصلاه الجمعة أو العيد وأمثالها ورجع إلى البراءة قبل الفحص وكان واجبا واقعا وانكشف وجوبه، فإن لم يكن مؤقتا وجب إتيانه لبقاء التكليف الواقعي وعدم امتثاله، وكذا إذا كان مؤقتا وانكشف وجوبه مع بقاء وقته، وأما لو انكشف وجوبه بعد انقضاء وقته فإن شرع فيه القضاء فيجب قضاؤه في خارج الوقت، وإلا فلا شيء عليه غير الأثر التكليفي وهو الإثم، هذا في الواجبات النفسية.
وأما المحرمات النفسية بأن احتمل حرمة شيء نفسا ورجع إلى البراءة قبل الفحص وكان حراما واقعا وانكشفت حرمته فالظاهر أنه لا أثر وضعي لها وإنما أثرها الأثر التكليفي، وهو استحقاق العقاب على ارتكاب الحرام الواقعي بلا عذر، ولكن هذا في بعض المحرمات النفسية، وفي بعضها الأثر الوضعي متحقق كما إذا شك في حرمة قتل شخص أو أكل مال أو شرب مائع ورجع إلى البراءة ثم انكشف الخلاف، فإن القصاص والكفارة والضمان ترتب هنا.
وأما بالنسبة إلى التكاليف الغيرية كأن احتمل وجوب شيء لشيء كالسورة بالنسبة إلى الصلاة، أو شرطية شيء لها، أو احتمل مانعية شيء لها ورجع إلى البراءة قبل الفحص بناء على جواز الرجوع إلى البراءة فيما لو كان الشك في الجزئية أو الشرطية أو المانعية - كما هو الحق - وكان المشكوك جزئيته أو شرطيته أو مانعيته جزءا أو شرطا أو مانعا واقعا فلا إشكال في فساد هذا العمل الفاقد للجزء أو الشرط أو الواجد للمانع، سواء كان تعبديا أو توصليا، وعدم ترتب الأثر عليه.
وأما إن لم يكن جزءا أو شرطا أو مانعا فلا إشكال في صحته فيما إذا كان توصليا، لانطباق المأتي به على المأمور [به]. وإنما الإشكال فيما إذا كان تعبديا من جهة قصد القربة المعتبرة في العبادة، وأنه هل يتمشى قصد القربة والامتثال حتى تصح العبادة أو لا يتمشى حتى لا تصح؟ لا إشكال في الكبرى، وهي اشتراط