التعلم كقوله: " هلا تعلمت (1) " فإن المقصود من التعلم هو الفحص عن الحكم عن مظانه. وعلى تقدير ورود المناقشة على دلالتها على وجوب الفحص وعدم تماميتها فالمناقشة إنما هي في هذه الأدلة، وإلا فأصل وجوب الفحص ظاهرا مما لا إشكال فيه، بل هو معلوم من مذاق الشارع والمتشرعة في الشبهات الحكمية، إذ بالرجوع إلى البراءة قبله تلزم المخالفة القطعية الكثيرة، بل الخروج عن الدين وشريعة سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله) بل ربما قالوا بوجوبه في بعض الشبهات الموضوعية كالفحص عن بلوغ المال إلى حد النصاب وعن الاستطاعة.
وأما المقام الثاني وهو مقدار الفحص: فالظاهر أنه يختلف باختلاف الأزمان، ولا يبعد أن يكون الفحص عن كتب المجامع كالكتب الأربعة ونحوها، بل خصوص كتاب الوسائل كافيا في هذا الزمان، فتأمل في المقام.
وإذا عرفت أن الرجوع إلى البراءة عقلية كانت أو شرعية مشروط بالفحص فلو رجع الشخص إليها قبل الفحص فالكلام يقع تارة من حيث الحكم التكليفي، وأخرى من حيث الحكم الوضعي، أما من حيث الحكم التكليفي فالظاهر أنه لا إشكال في استحقاق العقوبة فيما لو رجع إلى البراءة قبل الفحص في الشبهة الوجوبية أو التحريمية، سواء كانت في الواقع أمارة على نفي التكليف أو إثباته، أو لم يكن أمارة لا على نفيه ولا على إثباته، بناء على حرمة التجري واستحقاق العقاب عليه، لأنه بمجرد احتمال الوجوب أو الحرمة العقل يلزمه بالاحتياط وفعل ما يحتمل وجوبه وترك ما يحتمل حرمته، إلا أن يكون له مؤمن وهي البراءة العقلية أو الشرعية، وهي لا تجري إلا بعد الفحص، فإذا رجع إليها قبل الفحص فقد استحق العقوبة على تجريه ومخالفته لحكم العقل الملزم بالاحتياط بناء على حرمة التجري، سواء كانت في الواقع أمارة على إثبات التكليف أو نفيه، أو لم يكن أمارة أصلا، كما لا إشكال في استحقاقه العقاب على العصيان ومخالفة الواقع لو رجع إلى البراءة قبل الفحص وخالف التكليف بأن ترك محتمل الوجوب أو فعل