كثيرة لها.
وقد أشكل عليه بأن أطراف العلم الإجمالي إن كانت مشمولة لأدلة الأصول مثل كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام فلا مقتضي للفحص، وإن لم تكن مشمولة لها فلا فائدة للفحص ما لم ينحل العلم الإجمالي بالفحص، فالفحص إما غير واجب وإما غير مفيد.
وقد تقدم الجواب عن هذا الإشكال سابقا، وحاصله: أن المعلوم بالإجمال إن لم يكن معلما بعلامة لا هو بنفسه ولا أطرافه لا يرتفع أثر العلم الإجمالي إلا بانحلاله بالعلم أو ما هو بمنزلة العلم، وأما إذا كان معلما بعلامة أو كانت أطرافه معلمة بعلامة كما إذا فرضنا أن المحرم من قطيع الغنم هي السود منها أو في السود واشتبهت السود بالبيض بواسطة الظلمة ونحوها فإذا تفحصنا وارتفعت الشبهة العرضية وتميزت السود من البيص تخرج البيض عن أطراف المعلوم بالإجمال ولا يجب الاجتناب عنها وإن كانت محتملة التحريم بالشبهة البدوية، وما نحن فيه من هذا القبيل، لأن العلم الإجمالي حاصل بوجود واجبات ومحرمات كثيرة فيما بأيدينا من الأخبار، ووجود واجبات ومحرمات أخرى في غير ما بأيدينا وإن كانت محتملة إلا أنها ليست من أطراف العلم الإجمالي، فإذا تفحصنا فيما بأيدينا ولم نعثر عليها يخرج المورد عن الطرفية، ولا مانع عن الرجوع إلى البراءة.
نعم هنا إشكال وهو أنه لو كان الدليل على لزوم الفحص هو العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات كان لازمه عدم وجوبه لو علم الشارع في الاستنباط والاجتهاد تفصيلا بمقدار المعلوم له بالإجمال منهما، مثلا لو علم إجمالا بمائة من التكاليف الواجبة والمحرمة وشرع في الاجتهاد وحصل له العلم التفصيلي بوجود مائة من الواجبات والمحرمات فلا يجب عليه الفحص بعده، لأن المقتضي له هو العلم الإجمالي، وقد انحل وزال، والحال أنهم لا يلتزمون به، بل يقول بوجوبه بعده، فلابد أن المدرك أمرا آخر غير العلم الإجمالي، فالعمدة هي الآيات والأخبار الدالة على وجوب السؤال وتحصيل العلم والتوبيخ على ترك