أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " (1) ففيه - مضافا إلى ضعف السند والدلالة من جهة تطرق الاحتمالات الكثيرة الموجبة لعدم ظهوره في الدلالة على المدعى كما ذكرها في الفصول (2) وغيره، ومضافا إلى استدلالهم به في مسألة دلالة الأمر على الندب والوجوب، وفي مسألة دلالته على المرة والتكرار، وفي تلك المسألة الظاهر في احتماله لكل واحدة من المسائل الثلاث الموجب لسقوطه عن قابلية الاستدلال به - أن هذه الرواية وردت في مورد السؤال عن تكرار الحج وعدمه، فمع ملاحظة مورد السؤال وحملها عليه لا ربط لها بالمقام، لأن التبعيض حينئذ بلحاظ الأفراد ومع قطع النظر عنه تكون مجملة بواسطة الاحتمالات المذكورة.
وإن كان قوله (عليه السلام): " ما لا يدرك كله لا يترك كله (3) " ففيه أيضا - مضافا إلى ضعف السند واحتمال كون الكل أفراديا لا مجموعيا هو أنه لا دلالة له إلا على رجحان الإتيان بالباقي عند تعذر بعض أجزاء المأمور به سواء كان واجبا أو مستحبا، لظهور الموصول فيما يعمهما، وليس ظهور " لا يترك " في الوجوب - لو سلم - موجبا لتخصيص الموصول بالواجب لو لم يكن ظهور الموصول في الأعم قرينة على إرادة خصوص الكراهة أو مطلق المرجوحية من قوله: " لا يترك ".
وكيف كان فليس ظاهرا في اللزوم هاهنا، ولو قيل بظهوره فيه في غير المقام، وإن كان قوله (عليه السلام): " الميسور لا يسقط بالمعسور (4) " ففيه أيضا مضافا إلى ضعف السند وعدم دلالته على عدم السقوط لزوما لشموله للمستحبات، ولا مجال معه لتوهم دلالته على عدم السقوط بنحو اللزوم إلا أن يراد عدم سقوط الميسور بما له من الحكم إن واجبا فواجب، وإن مستحبا فمستحب، ويكون قضية الميسور كناية عن عدم سقوط الميسور بحكمه، حيث إن الظاهر منه ذلك، كما أن الظاهر من قوله: " لا ضرر ولا ضرار (5) " هو نفي ماله من الحكم تكليفا كان أو وضعا