ولكن في كلا التقريبين نظر، بل منع.
أما التقريب الأول وهو استصحاب الوجوب النفسي العارض للمجموع المركب لمعظم الأجزاء بعد تعذر بعضها من جهة المسامحة العرفية، ففيه: أنه إنما يتم في الموضوعات الخارجية التي تكون الوحدة المعتبرة في القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة محفوظة فيها بلحاظ الوجود الواحد المستمر في الحالين بحيث يعد الاختلاف بينهما بحسب قلة الأجزاء وكثرتها وصغرها وكبرها من الطوارىء والعوارض والحالات لذلك الموضوع الواحد المستمر في الحالين كاستصحاب كرية الماء بعد أخذ مقدار منه، لو شك في بقاء كريته فإن الرابط بين الماء الباقي وبين ما كان كرا سابقا هو الوجود الخاص الذي به تتحقق الوحدة المعتبرة بين القضية المشكوكة والقضية المتيقنة والزيادة والنقيصة بحسب الأجزاء إنما تعد من الطوارىء والحالات، وكذا استصحاب ما كان ثابتا للطفل في حال صغره بعد كبره فإن الرابط بين الحالين الموجب لاتحاد القضية المشكوكة والقضية المتيقنة هو الوجود الخاص. وأما في استصحاب الاحكام أو استصحاب الموضوعات بلحاظ الأحكام الذي مرجعه إلى استصحاب الحكم، لأن معنى استصحاب الموضوع بلحاظ الحكم هو عين استصحاب الحكم كما فيما نحن فيه فلا يتم، إذ هو إسراء حكم ثابت لموضوع وهو الواجد لتمام الأجزاء إلى غيره، وهو الفاقد لبعض الأجزاء.
والحاصل: أن المسامحة في أن هذه الاجزاء كانت واجبة سابقا فنستصحب وجوبها لا تخلو عن مسامحة، لأن مرجع هذه المسامحة إلى المسامحة في اسراء الحكم الثابت لموضوع إلى الموضوع الآخر، فتأمل.
مع أن هذا الاستصحاب - على تقدير تماميته - إنما يجري فيما لو كان الباقي معظم الأجزاء بحيث يصدق عليها أنها كانت واجبة سابقا، وأما إذا كان الباقي قليلا من الأجزاء فلا يجري.
وأما التقريب الثاني وهو استصحاب القدر المشترك بين الوجوب النفسي