ثانيها: أن يقصد كون مجموع الزائد والمزيد عليه جزءا واحدا كما لو اعتقد أن الواجب في الركوع هو الجنس الصادق على الواحد والمتعدد.
ثالثها: أن يأتي بالزائد بدلا عن المزيد عليه بعد رفع اليد عنه إما اقتراحا كما لو قرأ سورة ثم بدا له في الأثناء أو بعد الفراغ وقرأ سورة أخرى لغرض ديني كالفضيلة أو دنيوي كالاستعجال، وإما لإيقاع الأول على وجه فاسد بفقد بعض الشروط كأن يأتي ببعض الأجزاء رياءا، أو مع عدم الطمأنينة المعتبرة فيها، ثم يبدو له في إعادته على وجه صحيح (1).
فالشيخ (قدس سره) فصل بين هذه الوجوه فقال: أما الزيادة على الوجه الأول فلا إشكال في فساد العبادة إذا نوى ذلك قبل الدخول فيها أو في الأثناء، لأن ما أتى به وقصد الامتثال به - وهو المجموع المركب المشتمل على الزيادة - غير مأمور به وما أمر به - وهو ما عدا تلك الزيادة - لم يقصد الامتثال به، وأما الأخيران فمقتضى الأصل عدم بطلان العبادة، لأن مرجع الشك إلى الشك في مانعية الزيادة، ومرجعها إلى الشك في شرطية عدمها. وقد تقدم أن مقتضى الأصل فيه البراءة.
والحق أن يقال: إن الزيادة التي لم يكن مرجعها إلى النقيصة - كما هو محل الكلام - وهو ما إذا كان الجزء هو الواحد اللا بشرط لا الواحد بشرط " لا " لا تكون موجبة لبطلان العمل مطلقا، ولو مع الاتيان بالزيادة تشريعا فضلا عما إذا كان جهلا أو سهوا، لأن المفروض أنه أتى بتمام ما اعتبر فيه مع شيء زائد لم يعتبر وجوده وعدمه فيه.
ولذا لا إشكال في صحته إذا كان توصليا، وإنما الإشكال فيما إذا كان تعبديا من جهة قصد الامتثال المعتبر في العبادة، لأنه قصد امتثال الأمر بالصلاة المركبة من عشرة أجزاء مثلا، والحال أن الأمر ما تعلق - حسب الفرض - إلا بالصلاة المركبة من تسعة أجزاء فما قصد امتثال الأمر به وأتاه بهذا القصد لم يكن مأمورا به، وما كان مأمورا به لم يقصد امتثال أمره.