كما أن لازم من قال بأن نتيجة مقدمات الانسداد ليست حجية الظن بل التبعيض في الاحتياط كما حكي عن الشيخ (قدس سره) (1) لا ينحصر التبعيض عنده بترجيح مظنونات التكاليف على مشكوكات التكاليف وموهوماتها لو كان العمل بتمامها موجبا للعسر والعمل ببعضها غير موجب له، بل لابد أن يقول بالتبعيض من حيث الموارد بتقديم الاحتياط في الموارد المهتم بها على غيرها لو كان الاحتياط في جميعها موجبا للعسر، كما لا يخفى.
فتحصل: أنه بناء على تقرير الحكومة واستقلال العقل بحجية الظن وكفاية الامتثال الظني حال الانسداد لا فرق بين أفراد الظن من حيث الأسباب كما لافرق بين أفراد القطع من حيث الأسباب في حال الانفتاح، وأما من حيث المرتبة فلا يستقل العقل بالتنزل من المرتبة القوية إلى المرتبة الضعيفة إلا على تقدير عدم الكفاية وكذلك من حيث المورد لا يستقل بالعمل بالظن إلا في الموارد الغير المهتم بها، إلا مع عدم اندفاع العسر بالعمل بالظن فيها.
وأما بناء على الكشف وأن الشارع جعل لنا طريقا في هذا الحال فإن قلنا: بأن النتيجة هو نصب الطريق الواصل بنفسه، أي أن الطريق الذي نصبه الشارع لنا في هذا الحال ما يمكن لنا تعيينه بنفسه ويصح للشارع ان يوكل تعيينه إلى مقتضى عقولنا، لأن له تعين بمقتضى العقل، وهو ليس إلا الظن، لأنه الذي يعينه العقل طريقا حال الانسداد وله تعين بالنسبة إلى غيره مما يحتمل طريقيته، فلا إهمال في النتيجة بحسب الأسباب، بل يستكشف أن الكل حجة لو لم يكن بينها ما هو المتيقن، وإلا فلا مجال لاستكشاف حجية غيره ولا بحسب الموارد، بل يحكم بحجيته في جميعها، وإلا لزم عدم وصول الحجة ولو لأجل التردد في مواردها، والحال أن المفروض أن النتيجة المستكشفة من المقدمات أن الشارع نصب لنا طريقا واصلا بنفسه وأن الطريق الواصل بنفسه الذي يمكن للمكلف تعيينه بمقتضى عقله هو الظن، فلابد أن يكون حجة في تمام الموارد. ودعوى الاجماع