تقرير الحكومة واستقلال العقل بحجية الظن عند الانسداد، وأما بناء على تقرير الكشف فلا إشكال، إذ بعد المنع عن العمل بالقياس وكونه منهيا عنه شرعا لا نستكشف حجية الظن شرعا مطلقا، بل ما عدا الظن القياس ونحوه من الظنون المنهية، والإشكال في القياس يقع من جهتين.
أحدهما (1): من جهة أنه كيف يمكن النهي عن العمل بالقياس في حال الانسداد؟ والحال أنه ربما يكون مصيبا إلى الواقع والنهي عن العمل به يكون موجبا لتفويت الواقع، والإشكال فيه من هذه الجهة كالإشكال الوارد على الأمر بالعمل بالأمارة الغير العلمية في حال الانفتاح، والحال أنها ربما يخطئ عن الواقع فيكون الأمر بالعمل بها موجبا لتفويت الواقع، إلا أن الإشكال في القياس في مورد الإصابة وفي الأمارة الغير العلمية في مورد الخطأ، وما هو الجواب عن الإشكال فيها هو الجواب عن الإشكال فيه، وقد تقدم في رد كلام ابن قبه (2) القائل باستحالة التعبد بالأمارات العلمية ما هو الجواب عن هذا الإشكال مفصلا، وأنه لا نحتاج في الحكم بالإمكان إلى إحرازه، بل يكفي الإمكان الاحتمالي في تصديق أنه الدليل الدال على التعبد، لأن الوقوع أدل دليل على الإمكان، فلو لم يكن التعبد بالأمارة الغير العلمية أمرا ممكنا لما أمر الشارع الحكيم بالتعبد بها، فلو قطعنا باستحالة التعبد بها فلابد من تأويل هذا الدليل الدال على التعبد إن أمكن، وإلا فلابد من طرحه، وأما لو لم نقطع باستحالته فلابد من الأخذ بهذا الدليل سواء قطعنا بإمكان التعبد أو لم نقطع به، بل كان مجرد احتمال الإمكان، فإنه يكفي في تصديق دليل التعبد، إذ لو لم يكن أمرا ممكنا لما صدر من الشارع الحكيم، وكذلك بالنسبة إلى القياس الإمكان الاحتمالي بمنعه يكفي في تصديق دليل الوقوع، إذ لو كان المنع عنه أمرا غير ممكن لما منع الشارع عن العمل به.
وما قيل (3) في هذا المقام تارة بأن المنع عن العمل بالقياس طريقي من جهة