يوجبه، كما لا يخفى.
والحاصل: أنه إن أريد إثبات الحكم الشرعي الإرشادي بقاعدة الملازمة فلا بأس به، لأنه ثابت في تمام موارد الحكم العقلي وإن أريد إثبات الحكم الشرعي المولوي فلا يمكن إثباته في المقام، لأنه إنما يثبت في المورد القابل، والمورد هنا غير قابل للحكم المولوي الشرعي، لعدم وجود ملاكه، إذ ملاك الحكم المولوي الشرعي هو ترتب الآثار العقلية عليه من استحقاق الثواب على الموافقة والعقاب على المخالفة وغيرهما. وهذه الآثار تترتب على نفس الحكم العقلي ولا حاجة في ترتبها إلى الحكم الشرعي، فالحكم الشرعي المولوي يكون بلا ملاك.
وعلى أي حال سواء قلنا بالحكومة أو بالكشف فهل نتيجة دليل الانسداد حجية ظن مخصوص، أو مطلق الظن، أو الظن في الجملة؟ وبعبارة أخرى هل نتيجة المقدمات - حكومة أو كشفا - هي حجية الظن في الجملة، أو حجية ظن معين من حيث السبب والمرتبة والمورد، أو الظن مطلقا بحسب الأسباب وبحسب المراتب وبحسب الموارد؟
أما بناء على الحكومة فلا يتصور فيها الإهمال والإجمال، لأن موضوع حكم العقل لابد أن يكون معينا، فبناء على الحكومة الأمر يدور بين التعيين والإطلاق.
والحق هو الإطلاق والتعميم من حيث الأسباب، لعدم تفاوت في نظر العقل بين أسباب الظن، كما لافرق بنظره بين أسباب القطع. وأما من حيث المراتب فلا، إذ العقل لا يستقل إلا بكفاية مرتبة خاصة من الظن وهو الظن الاطمئناني، إلا على تقدير عدم كفايتها في دفع محذور العسر. وبعبارة أخرى العقل لا يستقل بعدم الفرق بين المرتبة القوية من الظن والمرتبة الضعيفة منه. وكذلك من حيث الموارد، إذ العقل لا يستقل بكفاية الإطاعة الظنية إلا في الموارد التي لا يكون فيها مزيد اهتمام من الشارع، وأما في الموارد التي يكون فيها مزيد اهتمام منه كالدماء والفروج وسائر حقوق الناس مما لا يلزم من الاحتياط فيها العسر فيستقل بوجوب الاحتياط.