بالخبر الصادر من جهة كون مضمونه هو حكم الله الواقعي الذي يجب العمل به والخبر طريق إليه، وحينئذ فكلما ظن بمضمون خبر منها ولو من جهة الشهرة يؤخذ به وكل خبر لم يحصل الظن بكون مضمونه حكم الله لا يؤخذ به ولو كان مظنون الصدور، فالعبرة بظن مطابقة الخبر للواقع لا بظن الصدور.
وثالثا: أن مقتضى هذا الدليل وجوب العمل بالخبر المثبت للتكليف، لأنه الذي يجب العمل، وأما الأخبار الصادرة النافية للتكليف فلا يجب العمل بها، نعم يجب الإذعان بها وإن لم تعرف بعينها، وكذلك لا يثبت به حجية الأخبار على وجه مقتض لصرف ظواهر الكتاب والسنة القطعية (1). وفي الكفاية (2) وافق الشيخ (قدس سره) في الإيراد على هذا الاستدلال بالإيراد الثالث، وهو أن مقتضى هذا الدليل وجوب العمل بالخبر المثبت للتكليف لا النافي، وهذا ليس معنى حجية الخبر.
وأما في الإيرادين الأولين وهو قوله: بأن وجوب العمل بالخبر الصادر عن الإمام (عليه السلام) إنما يجب من حيث كشفه عن حكم الله الواقعي... إلى آخر ما ذكره (قدس سره) فقد خالفه بدعوى أن العلم الإجمالي بثبوت التكاليف بين الأخبار وسائر الأمارات وإن كان حاصلا إلا أن العلم الإجمالي بصدور كثير من الأخبار التي بأيدينا من الأئمة الأطهار بمقدار واف بالمعظم يوجب انحلال العلم الإجمالي الأول، إذ لافرق في انحلال العلم الإجمالي بين انحلاله إلى العلم التفصيلي، والشك البدوي وبين انحلاله إلى علم إجمالي تكون دائرته أضيق من دائرة العلم الإجمالي الأول وشك بدوي، فكما أنه لو علمنا إجمالا بوجود شاة محرمة في القطيع من الغنم لافرق في انحلال العلم الإجمالي بين انحلاله إلى المعلوم بالتفصيل بأن نعلم تفصيلا بأن الشاة المحرمة هذه الشاة أو تقوم البينة بأن المحرمة هي هذه والمشكوك بالشك البدوي وبين انحلاله إلى المعلوم بالإجمال بأن نعلم إجمالا أن الشاة المحرمة في خصوص السود من القطيع أو تقوم البينة بأن المحرمة