وهجرته وغيرها من العلائم لبان الحق ولم يختف على عوامهم، وهم من جهة حسب الرئاسة وحكام الدنيا كتموها ولم يبينوها، فحرمة الكتمان لا يستلزم القبول تعبدا في مورد نزول هذه الآية الشريفة الذي يكون المطلوب فيه اليقين والاعتقاد، لأنه من أصول الدين وإن استلزم القبول في آية: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن﴾ (١) مع وجود الفرق بينهما من جهة أخرى، وهو أن في هذه الآية يمكن أن يكون المقصود من حرمة الكتمان إشاعة الخبر وإفشائه بحيث يحصل العلم به من كثرة المخبرين بخلاف تلك الآية، فإنه لا يمكن أن يكون المقصود فيها ذلك، فلابد أن يكون المقصود التعبد بخبرهن وإن لم يحصل العلم به.
والحاصل: أن هذه الآية لا تدل على حجية خبر الواحد ووجوب قبوله تعبدا وإن لم يفد العلم، بل تدل على حرمة كتمان الحق ووجوب إشاعته وإفشائه ليحصل العلم به، فيتعدى عن مورد نزول الآية - وهو كتمان علائم النبوة - إلى كتمان علائم الوصاية، بل إلى كل حق حتى كتمان علم العالم وفضله وورعه.
ومنها: آية السؤال وهي قوله تعالى: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ (2).
وتقريب الاستدلال بها أن السؤال وجوبه طريقي، والمقصود منه هو التوصل إلى الجواب واستعلامه، فلو لم يكن الجواب واجب القبول لزم أن يكون وجوب السؤال لغوا.
وفيه: أنه إن كان المراد من أهل الذكر هم الأئمة (عليهم السلام) كما حكي عن بعض التفاسير (3) فلا ربط لهذه الآية بما نحن فيه وهو وجوب العمل بخبر الواحد الغير العلمي، لحصول العلم من قولهم (عليهم السلام).
وإن كان المراد من أهل الذكر هم الرواة الذين يصدق عليهم أنهم أهل الذكر والعلم كزرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما والاستدلال بهذه الآية على وجوب قبول قولهم في مقام الجواب وتتميم المدعى وهو وجوب قبول قولهم ولو مبتدأ