داخلا في المتشابه لزم أن يكون القرآن كله من المتشابه، إذ المراد بالمتشابه - على هذا - ما يكون فيه احتمال الخلاف ولو احتمالا مرجوحا، وليس في القرآن ما يكون نصا بحيث لا يحتمل فيه الخلاف ولو مرجوحا. والحال أنه مناف للآية الشريفة: ﴿منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات﴾ (1) فالمنع عن اتباع المتشابه لا يشمل اتباع الظاهر، لأنه ليس من المتشابه.
وأما في الوجه الرابع: فلأن المنع عن تفسير القرآن بالرأي لا يشمل حمل اللفظ على ظاهره إما لأنه ليس تفسيرا - كما قيل (2) - لأن التفسير عبارة عن كشف القناع ولازمه أن يكون للمعنى سترة حتى يكون تفسيرا وكشفا للقناع في حمل اللفظ عليه، أو المعنى الظاهر ليس فيه سترة وحجاب فلا يكون حمل اللفظ عليه تفسيرا، لكنه ممنوع، لأن التفسير يشمل حمل اللفظ على معناه الظاهر، بل حمل اللفظ على خلاف ظاهره ليس تفسيرا، بل هو تأويل، أو لأنه ليس تفسيرا بالرأي - الذي هو المنهي عنه - لا مطلق التفسير ولو بمعونة ظواهر ألفاظه، فهذه الأخبار (3) إنما وردت في مقام الردع عن استبداد فهم القرآن بالاعتبارات العقلية والآراء الفاسدة بلا مراجعة إلى أهله، لا عن حمل ألفاظه على ظواهرها والأخذ بها كما هو المدعى.
والحاصل: أن استفادة المطالب من القرآن بمعونة ألفاظه وإن كان تفسيرا إلا أنه ليس تفسيرا بالرأي الذي هو المنهي عنه لا مطلق التفسير، ومنع كونه تفسيرا ممنوع لشمول التفسير له، بل واختصاصه به، إذ حمل اللفظ على خلاف ظاهره تأويل لا تفسير.
وأما في الوجه الخامس: فلأن العلم الإجمالي بطرو التخصيص والتقييد والتجوز وإرادة خلاف الظواهر وإن كان مسلما وسقوط الأصول اللفظية في أطراف العلم الإجمالي كالأصول العملية أيضا مسلما، إلا أنه لا يوجب عدم