المتكلم الذي يعبر عنه بأصالة الحقيقة عند احتمال التجوز، وأصالة العموم عند احتمال التخصيص، وأصالة الاطلاق عند احتمال التقييد، وأصالة عدم الاضمار عند احتماله، وهكذا.
والدليل على حجيتها واعتبارها هو بناء العقلاء بما هم عقلاء لا بما هم متدينون بدين وشريعة على الأخذ بالظواهر مع عدم ردع الشارع عنه، وهذا كاف في الإمضاء، ومعلوم أن الشارع لم يخترع طريقة خاصة لإفادة مراداته، فإذا كانت سيرة العقلاء من كل لسان على الأخذ بالظواهر ولم يردع الشارع عنه يعلم أنه راض في استفادة مراداته من ظواهر ألفاظه كما هي السيرة المستمرة عند العقلاء، فإثبات حجية الظواهر موقوف على مقدمتين: إحداهما: بناء العقلاء على الأخذ بها، والثانية: عدم ردع الشارع عنه.
لا نزاع في المقدمة الثانية، ولو كان نزاع فإنما هو في المقدمة الأولى لكن لا كبرويا وفي أصل استقرار سيرة العقلاء على الأخذ بالظواهر، بل صغرويا وفي أن بناءهم على الأخذ بالظواهر هل هو مطلق أو مقيد بحصول الظن منها - كما قيل - أو بعدم الظن على الخلاف كما قيل أيضا، والفاصل للنزاع هو الرجوع إلى الأذهان الصافية العرفية الخالية عن الشكوك والشبهات العلمية.
والحق هو حجية الظواهر مطلقا، لأخذ أهل العرف بها من دون توقف على حصول الظن منها، أو عدم الظن بخلافها، كما أن الحق عدم اختصاص حجيتها بمن قصد إفهامه كما حكي عن بعض (1) حيث خصص حجية الظواهر من باب كونها من الظنون الخاصة بمن قصد إفهامه ومبنى حجيتها بالنسبة إلى غيره على حجية الظن المطلق، ولذا لا يسمع اعتذار من لا يقصد إفهامه إذا خالف ما يقتضيه ظاهر كلام المولى من تكليف يعمه أو يخصه، ويصح به الإحتجاج لدى المخاصمة واللجاج، ويصح الشهادة بإقراره إذا سمعه ولو كان مقصودا بعدم إفهامه فضلا عما إذا لم يقصد إفهامه. ولا فرق في ذلك بين الكتاب العزيز وأحاديث سيد المرسلين