فهذه الوجوه المذكورة لا توجب سقوط ظواهره عن الحجية سيما بملاحظة معارضاتها فما دل على حجيتها كما أن دعوى العلم الإجمالي بوقوع التحريف أيضا لا يوجب ذلك من جهة أن أصل وقوع التحريف في القرآن مسألة خلافية.
وقد أنكره السيد المرتضى (1) (قدس سره) مستدلا بأن شدة الاهتمام بضبط القرآن يمنع عن ذلك، إذ الاهتمام بحفظه ليس أدون من الاهتمام بحفظ سائر الكتب والقصائد. وقد أنكر بعض آخر تحريفه بالزيادة وجوز في النقيصة (2) مستدلا بأن الزيادة فيه تتنافى مع كونه إعجازا ولا يمكن للبشر الاتيان بمثله ولو آية دون النقيصة.
وعلى تقدير تسليم وقوع التحريف فيه - كما يشهد به بعض الأخبار (3) ويساعده الاعتبار - نمنع كونه مانعا عن حجية ظواهره، لعدم العلم بوقوع خلل بذلك فيها، وعلى تقدير تسليمه فنمنع عن وقوعه في آيات الأحكام التي هي محل الكلام، لعدم الداعي إلى تحريفها، وإنما وقع في الآيات المتعلقة بمدائح أهل البيت ومثالب أعدائهم، لوجود الداعي بالنسبة إليها.
ولو ادعي العلم الإجمالي بوقوع التحريف المخل بالظواهر في الآيات المتعلقة بالأحكام وغيرها فلا يمكن التمسك بظواهر الآيات المتعلقة بالأحكام.
ففيه: أن هذا العلم الإجمالي - على تقدير تسليمه - لا أثر له، لعدم حجية غير ظواهر آيات الأحكام، لعدم اشتمالها على تكليف، والعلم بوقوع الخلل في ظواهره إنما يمنع عن حجيتها إذا كانت كلها حجة، وأما إذا كان بعضها حجة دون بعض فلا يمنع لجريان الأصل فيه بلا مزاحم كما في سائر الموارد التي يكون لأحد طرفي العلم الإجمالي أثر دون الآخر.
ثم إن الاختلاف في القراءة بما يوجب الاختلاف في الظهور مثل يطهرن ويطهرن - بالتخفيف والتشديد - يوجب الإخلال بجواز التمسك والاستدلال بها، إذ لم يثبت تواتر القراءات عن النبي (صلى الله عليه وآله) بأن يكون نزول القرآن من عند رب