النبى (صلى الله عليه وآله) من جهة إمكان إحراز صدقه بالرجوع إليه بواسطة أو بلا واسطة، واستعلام حال المخبر من حيث الصدق والكذب وعدم إمكانه بالنسبة إلى المخبر عن الله، مع أن الإخبار عن النبي يمكن بالنسبة إلى كل أحد، والإخبار عن الله لا يمكن إلا لمن كان ربط خاص بينه وبين الله، وهو منحصر بالنبى أو من يقوم مقامه، فينحصر المخبر عن الله بهما، ولا إشكال في قبول خبرهما عن الله سواء كان بالوحي أو الإلهام.
والحاصل: أن الإخبار عن الله طريقه منحصر بالوحي والإلهام، وهما مخصوصان بمن كان بينه وبين الله ربط مخصوص وهو ليس إلا النبي أو الولي.
ولا إشكال في حجية خبرهما عن الله، وأما غيرهما فلا ربط بينه وبين الله بهذه المثابة حتى يكون له طريق إلى الإخبار عن الله فلا يكون إخباره عنه حجة وأما الإخبار عن النبى طريقة السماع عن النبي، وهو ممكن لكل أحد، مع أن التعبد بالإخبار عن النبي لمكان التمكن من إحراز صدقه وكذبه يمكن أن تكون حجة بخلاف الإخبار عن الله.
وثانيا: منع بطلان التالي. ودعوى الإجماع على بطلانه فيه أولا أنه لا مسرح للإجماع في المقام، مع أن الإجماع على عدم الوقوع لا ينافي الإمكان، فتأمل.
وأما الوجه الثاني الذي يعم تمام الأمارات الغير العلمية هو أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد لزم تحليل الحرام وتحريم الحلال. بيانه أنه لو جاز التعبد بخبر الواحد بل بمطلق الأمارة الغير العلمية يلزم أمور: بعضها محال وبعضها باطل، وإن لم يكن بمحال، منها: أنه يلزم من التعبد به اجتماع المثلين من ايجابين أو تحريمين - مثلا - فيما أصاب بأن أخبر العادل بوجوب شيء وكان واجبا واقعا، أو أخبر بحرمته وكان حراما واقعا.
وذكر هذا الإشكال إنما هو من باب تعميم الإشكالات الواردة على التعبد بغير العلم واستيفاء تمام الشقوق والصور، وإلا فهو خارج عن محط نظر المستدل وليس بإشكال قوي.