منطبق على الفعل الخارجي.
ويكون الفعل الخارجي أيضا قبيحا ومحرما ومستحقا للعقاب عليه، لسراية قبح التجري إليه، أو أنه ملازم له، ولا يكون الفعل الخارجي قبيحا ومحرما ومستحقا للعقوبة عليه، لعدم سراية قبحه إليه. فإذا قلنا بالانطباق فلا إشكال في سراية قبحه عليه واستحقاق العقوبة عليه على اختلاف مراتب التجري من الشدة والضعف، على ما عرفت من أنه مجرد تصور الفعل القبيح ليس تجريا، وأما ميل النفس والرغبة إليه وهيجان القوة الشهوية كلها من التجري إلا أنها معفو عنها ما لم يصدر عنه فعل في الخارج على طبقه، فإذا صدر منه فعل خارجي فيستحق العقاب عليه.
وكلما كان انكشاف قبح الفعل المتجرى به عند القاطع أتم كان التجري عليه أشد، ولذا كان التجري على اتيان ما قطع بحرمته تفصيلا أشد من التجري على ما قطع بحرمته إجمالا كأطراف الشبهة المحصورة، والتجري على اتيان مقطوع الحرمة أشد مما قامت الأمارة أو الأصول على حرمته كما أن التجري بالنسبة إلى ما قطع بشدة اهتمام المولى به - كقتل النبي أو الإمام - أشد مما لم يكن بهذه المثابة كقتل المؤمن، وهو أشد من غيره، وهكذا.
فإن ثبت بالبيان المذكور قبح الفعل المتجرى به واستحقاق العقاب عليه من جهة انطباق عنوان التجري عليه كالعصيان الحقيقي فهو، والا فلا يمكن الاستدلال لا بالإجماع - لأن هذه المسألة عقلية ولا مسرح لدعوى الإجماع فيها - ولا بما ذكر من الدليل العقلي - الذي قرروه - بأنا إذا فرضنا شخصين قطع أحدهما بخمرية مائع والآخر بخمرية مائع آخر فشربا هما، واتفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر له فإما أن يستحقا العقاب، أو لا يستحقان، أو يستحق من صادف قطعه الواقع دون من لم يصادف، أو بالعكس، لا سبيل إلى الثاني والرابع، والثالث مستلزم لإناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار، وهو مناف لما يقتضيه العدل، فتعين الأول.